للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْتِزَامَاتُ الْمُسْتَأْجِرِ:

أ - دَفْعُ الأُْجْرَةِ (وَحَقِّ الْمُؤَجِّرِ فِي حَبْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) :

٥٦ - الأُْجْرَةُ تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ عَلَى مَا سَبَقَ. فَإِنْ كَانَتْ مُعَجَّلَةً حُقَّ لِلْمُؤَجِّرِ حَبْسُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الأُْجْرَةَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ عَمَلَهُ مِلْكُهُ، فَجَازَ لَهُ حَبْسُهُ، لأَِنَّ الْمَنَافِعَ فِي الإِْجَارَةِ كَالْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ. وَلاَ يَحِقُّ لَهُ ذَلِكَ فِي الْقَوْل الآْخَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَرْهَنِ الْعَيْنَ عِنْدَهُ. وَلِكُل صَانِعٍ، لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ، كَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ، أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ لاِسْتِيفَاءِ الأَْجْرِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَ لَهُ الْحَبْسَ. وَكُل صَانِعٍ، لَيْسَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَالْحَمَّال، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا عِنْدَهُمْ؛ لأَِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ نَفْسُ الْعَمَل، وَهُوَ غَيْرُ قَائِمٍ فِي الْعَيْنِ، فَلاَ يُتَصَوَّرُ حَبْسُهُ، خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ حَيْثُ أَثْبَتُوا لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ. (١)

ب - اسْتِعْمَال الْعَيْنِ حَسَبَ الشَّرْطِ أَوِ الْعُرْفِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا:

٥٧ - يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَّبِعَ فِي اسْتِعْمَال الْعَيْنِ مَا أُعِدَّتْ لَهُ، مَعَ التَّقَيُّدِ بِمَا شُرِطَ فِي الْعَقْدِ، أَوْ بِمَا هُوَ مُتَعَارَفٌ، إِذَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطٌ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا، أَوْ مَا دُونَهَا مِنْ نَاحِيَةِ اسْتِهْلاَكِ الْعَيْنِ وَالاِنْتِفَاعِ بِهَا. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَإِذَا اسْتَأْجَرَ الدَّارَ لِيَتَّخِذَهَا سَكَنًا فَلاَ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَهَا مَدْرَسَةً أَوْ


(١) البدائع ٤ / ٢٠٣، ٢٠٤، والهداية ٣ / ٢٣٣، ٢٣٤، وتبيين الحقائق ٥ / ١١١، والمهذب ١ / ٤٠١، ٤٠٨، والحطاب ٥ / ٤٣١ والمغني ٥ / ٣٣٦، ٣٩٥، وكشاف القناع ٤ / ٢٩، ٣٠