للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَصِحُّ اعْتِكَافٌ بِدُونِ نِيَّةٍ. سَوَاءٌ أَكَانَ الاِعْتِكَافُ مَسْنُونًا أَمْ وَاجِبًا، كَمَا يَجِبُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ نِيَّةِ الْفَرْضِ وَالنَّفَل فِي الاِعْتِكَافِ، لِيَتَمَيَّزَ الْفَرْضُ مِنَ السُّنَّةِ (١) .

وَإِذَا نَوَى الاِعْتِكَافَ الْمَسْنُونَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَهَل يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِ نِيَّتِهِ إِذَا رَجَعَ؟

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الظَّاهِرِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الاِعْتِكَافِ الْمَسْنُونِ فَقَدِ انْقَطَعَ اعْتِكَافُهُ، وَإِذَا رَجَعَ فَلاَ بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ نِيَّةِ اعْتِكَافٍ مَنْدُوبٍ آخَرَ، لأَِنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْهُ لِلاِعْتِكَافِ الْمَنْدُوبِ، لاَ مُبْطِل لَهُ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ مُقَابِل الظَّاهِرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْمَنْدُوبَ يَلْزَمُهُ إِذَا نَوَاهُ قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرًا بِدُخُولِهِ مُعْتَكَفَهُ، لأَِنَّ النَّفَل يَلْزَمُ كَمَالُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُل مُعْتَكَفَهُ فَلاَ يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ.

فَإِذَا دَخَل ثُمَّ قَطَعَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنِ اشْتُرِطَ عَدَمُ الْقَضَاءِ.

وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ الإِْتْمَامُ وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ (٢) .

مَكَانُ الاِعْتِكَافِ:

أ - مَكَانُ الاِعْتِكَافِ لِلرَّجُل:

١٤ - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ اعْتِكَافُ


(١) ابن عابدين ٢ / ٤٤١ ط مصطفى الحلبي، وبلغة السالك ١ / ٥٣٩ ط عيسى الحلبي، والروضة ٢ / ٣٩٥، والجمل ٢ / ٣٥٧، وكشاف القناع ٢ / ٣٥١.
(٢) ابن عابدين ٢ / ٤٤١، ٤٤٥ ط الحلبي، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ١ / ٥٤٦، ٥٥٢، والروضة ٢ / ٣٩٥، وكشاف القناع ٢ / ٣٥٠، وكفاية الطالب مع حاشية العدوي ١ / ٣٥٨، وبلغة السالك ١ / ٥٤٢ ط عيسى الحلبي.