للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَوْهُوبِ لَهُ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ. وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ رَجَعَ هَذَا عَلَى الْوَاهِبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ قَوْلاً وَاحِدًا، وَشَهَّرَهُ ابْنُ رَجَبٍ لأَِنَّهُ دَخَل عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ لِشَيْءٍ فَهُوَ مَغْرُورٌ. وَالْخِلاَفُ يَجْرِي كَذَلِكَ فِي رُجُوعِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقِيل: لاَ يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ؛ لأَِنَّ الْوَاهِبَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ عِوَضًا فَيَرْجِعُ بِعِوَضِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ غَرَّهُ مِنْ أَمْرٍ قَدْ كَانَ لَهُ أَلاَّ يَقْبَلَهُ.

ب - الرُّجُوعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ دُونَ الْوَاهِبِ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْهِبَةَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ وَالْوَاهِبُ غَيْرُ عَامِلٍ لَهُ، فَلاَ يَسْتَحِقُّ الْمَوْهُوبُ لَهُ السَّلاَمَةَ، وَلاَ يَثْبُتُ بِهِ الْغُرُورُ؛ وَلأَِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ (١) .

اسْتِحْقَاقُ الْمُوصَى بِهِ:

٣٢ - تَبْطُل الْوَصِيَّةُ بِاسْتِحْقَاقِ الْمُوصَى بِهِ، فَإِنِ اسْتُحِقَّ بَعْضُهُ بَقِيَتِ الْوَصِيَّةُ فِي الْبَاقِي، لأَِنَّهَا تَبْطُل بِخُرُوجِ الْمُوصَى بِهِ عَنْ مِلْكِ الْمُوصِي، وَبِالاِسْتِحْقَاقِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَوْصَى بِمَالٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ لَهُ، وَالْوَصِيَّةُ بِمَا لاَ يَمْلِكُ بَاطِلَةٌ (٢) .

اسْتِحْقَاقُ الصَّدَاقِ:

٣٣ - يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ لاَ يَبْطُل بِاسْتِحْقَاقِ الصَّدَاقِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّةِ


(١) الأم ٣ / ٢٥٧، والبحر الرائق ٧ / ٣٢١ ط العلمية، والتاج والإكليل ٥ / ٢٩١، والمدونة ٥ / ٣٦١ نشر دار صادر، وكشاف القناع ٤ / ٨٤، وقواعد ابن رجب ص ٢١٦
(٢) العناية على الهداية هامش تكملة فتح القدير ٨ / ٤٩٨، والشرح الكبير لابن أبي عمر ٦ / ٥٢٦، والمغني أعلاه ٦ / ٥٧٦ ط المنار الأولى، وجواهر الإكليل ٢ / ٣١٨، ٣٢٢