للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصَالَحَ عَنِ الْيَمِينِ عَلَى أَنْ لاَ يَسْتَحْلِفَهُ جَازَ الصُّلْحُ وَبَرِئَ مِنَ الْيَمِينِ، بِحَيْثُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَعُودَ إِلَى اسْتِحْلاَفِهِ. وَكَذَا لَوْ قَال الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: صَالَحْتُكَ مِنَ الْيَمِينِ الَّتِي وَجَبَتْ لَكَ عَلَيَّ. أَوْ قَال: افْتَدَيْتُ مِنْكَ يَمِينَكَ بِكَذَا وَكَذَا صَحَّ الصُّلْحُ؛ لأَِنَّ هَذَا صُلْحٌ عَنْ حَقٍّ ثَابِتٍ لِلْمُدَّعِي؛ لأَِنَّ الْيَمِينَ حَقٌّ لِلْمُدَّعِي قِبَل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْمَحَل - وَهُوَ الْمِلْكُ فِي الْمُدَّعِي فِي زَعْمِهِ - فَكَانَ الصُّلْحُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي عَنْ حَقٍّ ثَابِتٍ فِي الْمَحَل، وَهُوَ الْمُدَّعِي، وَفِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَذْل الْمَال لإِِسْقَاطِ الْخُصُومَةِ وَالاِفْتِدَاءِ عَنِ الْيَمِينِ. (١) قَالَهُ الْكَاسَانِيُّ.

وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: عَلَى أَنَّهُ لَوِ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَرْأَةِ نِكَاحًا فَحَجَّتْهُ، وَصَالَحَتْهُ عَلَى مَالٍ بَذَلَتْهُ حَتَّى يَتْرُكَ الدَّعْوَى جَازَ هَذَا الصُّلْحُ؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ ثَابِتٌ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي حَسَبَ زَعْمِهِ، فَكَانَ الصُّلْحُ عَلَى حَقٍّ ثَابِتٍ لَهُ، وَالدَّافِعُ يَقْطَعُ بِهِ الْخُصُومَةَ عَنْ نَفْسِهِ، فَكَانَ فِي مَعْنَى الْخُلْعِ. (٢)

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَصِحُّ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ:

٣١ - أَيْ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ


(١) البدائع ٦ / ٥٠.
(٢) كشاف القناع ٣ / ٣٨١، شرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٦١، المغني ٤ / ٤٤٩، بدائع الصنائع ٦ / ٥٠، المبدع ٤ / ٢٨١.