للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاعْتَبَرَ الْجُمْهُورُ مَا وَرَدَ فِي تَحْرِيمِهِ مَنْسُوخًا، لأَِنَّ حَدِيثَ الإِْبَاحَةِ مُتَأَخِّرٌ، لأَِنَّهُ حَضَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ لَمْ يَجْتَمِعْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ بِالْمَدِينَةِ.

وَمِمَّنْ كَرِهَ الضَّبَّ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ عِنْدَهُمَا تَحْرِيمِيَّةً، وَهَذَا عِنْدَئِذٍ يَتَّفِقُ مَعَ الْقَوْل بِالتَّحْرِيمِ، وَيُحْتَمَل أَنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ. (١)

وَحُجَّةُ مَنْ قَال بِكَرَاهَتِهِ تَنْزِيهًا تَعَارُضُ أَدِلَّةِ الإِْبَاحَةِ وَالتَّحْرِيمِ، فَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا احْتِيَاطًا.

الدُّودُ:

٥٥ - تَنَاوَلَتْ كُتُبُ الْفِقْهِ تَفْصِيلاَتٍ عَنِ الدُّودِ إِيجَازُهَا فِيمَا يَلِي: قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ دُودَ الزُّنْبُورِ وَنَحْوِهِ قَبْل أَنْ تُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ لاَ بَأْسَ بِأَكْلِهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَيْتَةٍ، فَإِنْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ. وَعَلَى هَذَا لاَ يَجُوزُ أَكْل الْجُبْنِ أَوِ الْخَل أَوِ الثِّمَارِ بِدُودِهَا (٢) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ مَاتَ الدُّودُ وَنَحْوُهُ فِي طَعَامٍ وَتَمَيَّزَ عَنِ الطَّعَامِ أُخْرِجَ مِنْهُ وُجُوبًا، فَلاَ يُؤْكَل مَعَهُ، وَلاَ يُطْرَحُ الطَّعَامُ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ مِنْهُ، لأَِنَّ مَيْتَتَهُ طَاهِرَةٌ.

وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ بِأَنِ اخْتَلَطَ بِالطَّعَامِ وَتَهَرَّى طُرِحَ الطَّعَامُ، لِعَدَمِ إِبَاحَةِ نَحْوِ الدُّودِ الْمَيِّتِ بِهِ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا، فَيُلْقَى لِكَلْبٍ أَوْ هِرٍّ أَوْ دَابَّةٍ، إِلاَّ إِذَا كَانَ الدُّودُ غَيْرَ الْمُتَمَيِّزِ قَلِيلاً.

وَإِنْ لَمْ يَمُتْ فِي الطَّعَامِ جَازَ أَكْلُهُ مَعَهُ.


(١) المحلى لابن حزم ٧ / ٤٣١.
(٢) البدائع ٥ / ٣٥ - ٣٦، وحاشية ابن عابدين ٥ / ١٩٤، والخانية بهامش الفتاوى الهندية ٣ / ٣٥٨.