للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اسْتِنَابَةِ غَيْرِهِ، وَلَعَلَّهُ لاَ يَجِدُ مَنْ يَعْمَل لَهُ فِيهَا بِإِِِجَارَةٍ، لِمَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ فِيهِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَرُخِّصَ فِيهَا لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ، وَاسْتُخْرِجَتْ بِسَبَبِ هَذِهِ الْعِلَّةِ مِنَ الإِِِْجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ عَلَى نَحْوِ مَا رُخِّصَ فِيهِ فِي الْمُسَاقَاةِ (١) .

وَقَال الْكَاسَانِيُّ: إِِنَّ الإِِِْنْسَانَ قَدْ يَكُونُ لَهُ مَالٌ لَكِنَّهُ لاَ يَهْتَدِي إِِلَى التِّجَارَةِ، وَقَدْ يَهْتَدِي إِِلَى التِّجَارَةِ لَكِنَّهُ لاَ مَال لَهُ، فَكَانَ فِي شَرْعِ هَذَا الْعَقْدِ دَفْعُ الْحَاجَتَيْنِ، وَاللَّهُ تَعَالَى مَا شَرَعَ الْعُقُودَ إِِلاَّ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَدَفْعِ حَوَائِجِهِمْ (٢) .

صِفَّةُ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ

٦ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّ الْمُضَارَبَةَ مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ تَنْفَسِخُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا أَيَّهِمَا كَانَ، لأَِنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي مَال غَيْرِهِ بِإِِِذْنٍ فَهُوَ كَالْوَكِيل، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْل التَّصَرُّفِ وَبَعْدَهُ (٣) .

وَيَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ لِجَوَازِ الْفَسْخِ عِلْمَ الطَّرَفِ الآْخَرِ بِالْفَسْخِ، وَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَال عَيْنًا وَقْتَ الْفَسْخِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ (٤) .


(١) مواهب الجليل ٥ / ٣٥٦، وكشاف القناع ٣ / ٥٠٧.
(٢) بدائع الصنائع ٦ / ٧٩.
(٣) بدائع الصنائع ٦ / ١٠٩، ومغني المحتاج ٢ / ٣١٩، والمغني ٥ / ٦٤.
(٤) بدائع الصنائع ٦ / ١٠٩.