للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا أَرْبَعَةً:

٣٢ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الزِّنَى لاَ يَثْبُتُ إِلاَّ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ، لِلنُّصُوصِ السَّابِقَةِ؛ وَلأَِنَّ الزِّنَى مِنْ أَغْلَظِ الْفَوَاحِشِ فَغُلِّظَتِ الشَّهَادَةُ فِيهِ لِيَكُونَ أَسْتَرَ، وَقَدْ نَقَل ابْنُ قُدَامَةَ الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَمُلُوا أَرْبَعَةً حُدَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكْمُلُوا فَهُمْ قَذَفَةٌ، وَعَلَيْهِمْ حَدُّ الْقَذْفِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (١) وَلأَِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّ الثَّلاَثَةَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِالزِّنَى. وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ، وَلِئَلاَّ يَتَّخِذَ صُورَةَ الشَّهَادَةِ ذَرِيعَةً إِلَى الْوَقِيعَةِ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ.

وَعِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي الْمَذْهَبِ، أَنَّهُ لاَ يُجْلَدُ الشُّهُودُ إِذَا نَقَصَ عَدَدُهُمْ عَنْ أَرْبَعَةٍ؛ لأَِنَّهُمْ جَاءُوا شَاهِدِينَ لاَ هَاتِكِينَ. (٢)

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ:

٣٣ - اشْتَرَطَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى أَنْ تَكُونَ فِي


(١) سورة النور / ٤.
(٢) حاشية ابن عابدين ٣ / ١٤٢، والفتاوى الهندية ٢ / ١٥١، المطبعة الأميرية ١٣١٠ هـ، حاشية الدسوقي ٤ / ٣١٩، ٣٨٥، مغني المحتاج ٤ / ١٤٩، ١٥٦، كشاف القناع ٦ / ١٠١، المغني ٨ / ١٩٨ - ٢٠١.