للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تِلْكَ الدَّارِ، فَهَذَا وَجْهُ مَا كَانَ السَّلَفُ يَعْتَمِدُونَهُ مِنَ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ فِي الْمُبَاحَاتِ، وَهُوَ وَجْهُ لُزُومِ الذَّمِّ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} فَهَذَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (١) .

تَقْدِيمُ الأَْوْرَعِ فِي إِمَامَةِ الصَّلاَةِ:

١٣ - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْوَرَعَ رُتْبَةٌ تَسْتَتْبِعُ اسْتِحْقَاقَ التَّقْدِيمِ لإِِمَامَةِ الصَّلاَةِ، فَإِنَّ الأَْحَقَّ بِالإِْمَامَةِ عِنْدَهُمُ الأَْعْلَمُ بِأَحْكَامِ الصَّلاَةِ، ثُمَّ الأَْحْسَنُ تِلاَوَةً لِلْقِرَاءَةِ، ثُمَّ الأَْوْرَعُ (٢) ، لِقَوْل النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تُقْبَل صَلاَتُكُمْ فَلْيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ (٣) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: تَقْدِيمُ الأَْوْرَعِ بَعْدَ السُّلْطَانِ وَرَبِّ الْبَيْتِ وَزَائِدِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ. (٤)

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلاَنِ فِي تَقْدِيمِ الأَْوْرَعِ عَلَى


(١) الفروق ٤ / ٢٢٠ ـ ٢٢١.
(٢) حاشية ابن عابدين ١ / ٣٧٤، والفتاوى الهندية ١ / ٨٣، وفتح القدير ١ / ٣٠٣.
(٣) حديث: " إن سركم أن تقبل صلاتكم. . . أخرجه الطبراني في الكبير (٢٠ / ٣٢٨ ـ ط العراق) من حديث مرثد بن مرثد، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٢ / ٦٤ ـ ط القدسي) : فيه يحيى بن يعلى الأسلمي، وهو ضعيف.
(٤) الدسوقي على الشرح الكبير للدردير ١ / ٣٤٤، ٣٤٥.