للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَنَفِيَّةُ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ، مَا دَامُوا عُدُولاً فِي دِينِهِمْ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْل الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَلأَِنَّ بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، فَتُقْبَل شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ (١) .

هَذَا، وَهُنَاكَ اسْتِثْنَاءَاتٌ أُخْرَى فِي مَسَائِل الْوَصِيَّةِ وَإِثْبَاتِ الشُّفْعَةِ وَالتَّمَلُّكِ بِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَنَحْوِهَا، تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا وَفِي مَظَانِّهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.

أَنْكِحَةُ أَهْل الذِّمَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

٣٤ - لاَ يَخْتَلِفُ أَحْكَامُ نِكَاحِ أَهْل الذِّمَّةِ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ وَسَائِرِ الْكُفَّارِ، إِلاَّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً.

وَلاَ يَجُوزُ زَوَاجُ الْمُسْلِمَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ كِتَابِيًّا. وَذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} (٢) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (٣) وَلاَ يَجُوزُ زَوَاجُ مُسْلِمٍ مِنْ ذِمِّيَّةٍ غَيْرِ كِتَابِيَّةٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَنْكِحُوا


(١) البدائع ٦ / ٢٨٠، والفتاوى الهندية ٣ / ٣٩٦، والخرشي على خليل ٧ / ١٧٦، والمهذب ٢ / ٣٢٥، والمغني لابن قدامة ٩ / ١٨٢ - ١٨٤. وحديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض. . . " أخرجه ابن ماجه (٢ / ٧٩٤ ح ٢٣٧٣، نشر دار إحياء الكتب - القاهرة ١٣٧٢ هـ والبيهقي ١٠ / ١٦٥) قال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (٤ / ١٩٨ نشر المكتبة الأثرية) : أخرجه ابن ماجه، وفي إسناده مجالد وهو سيء الحفظ.
(٢) سورة البقرة / ٢٢١.
(٣) سورة الممتحنة / ١٠.