للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُذَكَّاةِ بِهَا، إِذَا كَانَ كَامِل الْخِلْقَةِ، وَمَاتَ بِذَبْحِ أُمِّهِ، فَهَذَا إِلْحَاقٌ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ. وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ. (١) وَلأَِنَّ جَنِينَ الدَّابَّةِ تَبَعٌ فَيُبَاعُ بِبَيْعِ الأُْمِّ، وَلِذَا يَأْخُذُ جَنِينُ الْمُذَكَّاةِ حُكْمَ الْمُذَكَّاةِ بِالتَّبَعِ، وَهَذَا إِنْ كَانَ قَدْ أَشْعَرَ عَلَى رَأْيٍ، وَقِيل: لاَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ.

وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ فَذَهَبَا إِلَى أَنَّهُ لاَ يَحِل الْجَنِينُ إِلاَّ إِذَا أُدْرِكَ حَيًّا وَذُبِحَ. كَذَلِكَ لاَ يُمْكِنُ إِلْحَاقُ الْجَنِينِ الَّذِي ظَهَرَ مِنَ الأُْمِّ حَيًّا فَمَاتَ بَعْدَهَا بِدُونِ الذَّبْحِ. (٢) وَيُرْجَعُ لِتَفْصِيلِهِ إِلَى مُصْطَلَحَيْ (ذَبِيحَة) (وَذَكَاة) .

ثَانِيًا: إِلْحَاقُ صِغَارِ السَّوَائِمِ بِالْكِبَارِ فِي الذَّكَاةِ:

٦ - لاَ خِلاَفَ بَيْنِ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِي إِلْحَاقِ صِغَارِ السَّوَائِمِ بِالْكِبَارِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا، إِذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ الْكِبَارِ وَتَمَّ الْحَوْل عَلَيْهَا. أَمَّا إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا صِغَارًا فُصْلاَنًا أَوْ حُمْلاَنًا أَوْ عَجَاجِيل، فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ زُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: يَجِبُ فِي الصِّغَارِ مَا يَجِبُ فِي الْكِبَارِ إِلْحَاقًا.

وَقَال أَبُو يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: يَجِبُ فِيهَا وَاحِدَةٌ مِنْهَا، وَصُورَتُهُ إِذَا كَانَ لَهُ نِصَابٌ مِنَ


(١) حديث: " ذكاة الجنين ذكاة أمه " أخرجه أبو داود (٣ / ٢٥٣ - ط عزت عبيد دعاس) وغيره من حديث جابر مرفوعا، وفي أسانيده مقال لكنه يتقوى بها. فيض القدير للمناوي (٣ / ٥٦٣ - ط / المكتبة التجارية)
(٢) البدائع ٥ / ٤٢، والقليوبي ٤ / ٢٦٢، والشرح الصغير ٢ / ١٧٧، والمغني مع الشرح الكبير ١١ / ٥١