للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى حَيٍّ مُتَغَلِّبٍ مِثْلِهِ. أَمَّا إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الأَْمْرِ وَقَهَرَ إِمَامًا مُوَلًّى بِالْبَيْعَةِ أَوْ بِالْعَهْدِ فَلاَ تَثْبُتُ إِمَامَتُهُ، وَيَبْقَى الإِْمَامُ الْمَقْهُورُ عَلَى إِمَامَتِهِ شَرْعًا (١) .

اخْتِيَارُ الْمَفْضُول مَعَ وُجُودِ الأَْفْضَل:

١٩ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَعَيَّنَ لأَِهْل الاِخْتِيَارِ وَاحِدٌ هُوَ أَفْضَل الْجَمَاعَةِ، فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِْمَامَةِ، فَظَهَرَ بَعْدَ الْبَيْعَةِ مَنْ هُوَ أَفْضَل مِنْهُ، انْعَقَدَتْ بِبَيْعَتِهِمْ إِمَامَةُ الأَْوَّل وَلَمْ يَجُزِ الْعُدُول عَنْهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْضَل مِنْهُ. كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوِ ابْتَدَءُوا بَيْعَةَ الْمَفْضُول مَعَ وُجُودِ الأَْفْضَل لِعُذْرٍ، كَكَوْنِ الأَْفْضَل غَائِبًا أَوْ مَرِيضًا، أَوْ كَوْنِ الْمَفْضُول أَطْوَعَ فِي النَّاسِ، وَأَقْرَبَ إِلَى قُلُوبِهِمُ، انْعَقَدَتْ بَيْعَةُ الْمَفْضُول وَصَحَّتْ إِمَامَتُهُ، وَلَوْ عَدَلُوا عَنِ الأَْفْضَل فِي الاِبْتِدَاءِ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ. (٢)

أَمَّا الاِنْعِقَادُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي انْعِقَادِ بَيْعَةِ الْمَفْضُول مَعَ وُجُودِ الأَْفْضَل بِغَيْرِ عُذْرٍ، فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ بَيْعَتَهُ لاَ تَنْعَقِدُ، لأَِنَّ الاِخْتِيَارَ إِذَا دَعَا إِلَى أَوْلَى الأَْمْرَيْنِ لَمْ يَجُزِ الْعُدُول عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ. (٣)

وَذَهَبَ الأَْكْثَرُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى أَنَّ الإِْمَامَةَ جَائِزَةٌ لِلْمَفْضُول مَعَ وُجُودِ الأَْفْضَل، وَصَحَّتْ إِمَامَتُهُ إِذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ الإِْمَامَةِ. كَمَا يَجُوزُ فِي وِلاَيَةِ الْقَضَاءِ تَقْلِيدُ الْمَفْضُول مَعَ وُجُودِ الأَْفْضَل لأَِنَّ زِيَادَةَ الْفَضْل مُبَالَغَةٌ فِي الاِخْتِيَارِ،


(١) مغني المحتاج ٤ / ١٣٢، وأسنى المطالب ٤ / ١١٠
(٢) الأحكام السلطانية للماوردي ص ٥٠
(٣) المصدر السابق، والفصل في المال والأهواء والنحل ٤ / ١٦٣