للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نِصْفُ ذَلِكَ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ دِيَتُهُ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ (١) ، وَرَاجِعْ مُصْطَلَحَ: (دِيَةٍ) .

مُجَاهَدَةُ أَهْل الْكِتَابِ:

١٠ - قَال اللَّهُ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآْخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (٢) .

أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِمُقَاتَلَةِ جَمِيعِ الْكُفَّارِ لإِِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ، وَخَصَّ أَهْل الْكِتَابِ بِالذِّكْرِ لِتَعَاظُمِ مَسْئُولِيَّتِهِمْ؛ لِمَا أُوتُوا مِنْ كُتُبٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَلِكَوْنِهِمْ عَالِمِينَ بِالتَّوْحِيدِ وَالرُّسُل وَالشَّرَائِعِ وَالْمِلَل، وَخُصُوصًا ذِكْرُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِلَّتِهِ وَأُمَّتِهِ، فَلَمَّا أَنْكَرُوهُ تَأَكَّدَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ، وَعَظُمَتْ مِنْهُمُ الْجَرِيمَةُ، فَنَبَّهَ عَلَى مَحَلِّهِمْ، ثُمَّ جَعَل لِلْقِتَال غَايَةً، وَهِيَ إِعْطَاءُ الْجِزْيَةِ بَدَلاً مِنَ الْقَتْل (٣) .

وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إِذَا طَلَبُوا الْكَفَّ عَنِ الْقِتَال، لَكِنَّ الْخِلاَفَ فِي غَيْرِهِمْ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (أَهْل الْحَرْبِ، وَأَهْل الذِّمَّةِ، وَجِزْيَةٌ) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ قِتَال أَهْل الْكِتَابِ أَفْضَل مِنْ قِتَال غَيْرِهِمْ، وَكَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَأْتِي مِنْ مَرْوَ لِغَزْوِ الرُّومِ، فَقِيل لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَال: هَؤُلاَءِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينٍ (٤) .


(١) الكاساني ٧ / ٢٣٧، والشرح الكبير ٤ / ٢٣٨، والمهذب ٢ / ١٧٣، وكشاف القناع ٦ / ٢١.
(٢) سورة التوبة / ٢٩.
(٣) تفسير القرطبي ٨ / ١٠٩ - ١١٠.
(٤) المغني ٨ / ٣٥٠.