للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَطْعُ لِسَانِ الأَْخْرَسِ وَالصَّغِيرِ:

٣٧ - لاَ دِيَةَ فِي قَطْعِ لِسَانِ الأَْخْرَسِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بَل تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْكَلاَمُ، وَلاَ كَلاَمَ فِيهِ فَصَارَ كَالْيَدِ الشَّلاَّءِ (١) .

وَهَذَا إِذَا لَمْ يَذْهَبْ بِقَطْعِهِ الذَّوْقُ، وَإِلاَّ تَجِبُ الدِّيَةُ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنْ إِزَالَةِ الْمَنَافِعِ، أَمَّا إِذَا قُطِعَ لِسَانَ الصَّغِيرِ الَّذِي لاَ يَتَكَلَّمُ لِصِغَرِهِ فَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ؛ لأَِنَّ ظَاهِرَهُ السَّلاَمَةُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَكَلَّمْ لأَِنَّهُ لاَ يُحْسِنُ الْكَلاَمَ، فَوَجَبَتْ بِهِ الدِّيَةُ كَالْكَبِيرِ وَيُخَالِفُ الأَْخْرَسَ، فَإِنَّهُ عُلِمَ أَنَّهُ أَشَل؛ وَلأَِنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ فِي سَائِرِ أَعْضَاءِ الصَّغِيرِ فَكَذَلِكَ فِي قَطْعِ لِسَانِهِ، وَإِنْ بَلَغَ حَدًّا يَتَكَلَّمُ مِثْلُهُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَقُطِعَ لِسَانُهُ لَمْ تَجِبِ الدِّيَةُ؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الْكَلاَمِ فَيَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي لِسَانِ الأَْخْرَسِ (٢) .

وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ فِي لِسَانِ الصَّغِيرِ ظُهُورُ أَثَرِ نُطْقٍ بِتَحْرِيكِهِ لِبُكَاءٍ وَمَصِّ ثَدْيٍ وَنَحْوِهِمَا؛ لأَِنَّهَا أَمَارَاتٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى سَلاَمَةِ اللِّسَانِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَحُكُومَةٌ؛ لأَِنَّ سَلاَمَتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ، وَالأَْصْل بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (٣) .

وَلَمْ نَعْثُرْ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى نَصٍّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.


(١) ابن عابدين ٥ / ٣٦٩، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٦٩، ومغني المحتاج ٤ / ٦٣، المغني لابن قدامة ٨ / ١٦.
(٢) ابن عابدين ٥ / ٣٥٦، ومغني المحتاج ٤ / ٦٢، ٦٣، والمغني ٨ / ١٩.
(٣) مغني المحتاج ٤ / ٦٣.