للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هـ - الْيَسَارُ:

١١ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اعْتِبَارِ الْيَسَارِ - وَيُعَبِّرُ عَنْهُ الْحَنَفِيَّةُ بِالْمَال - مِنْ خِصَال الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ أَوْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ - فِي الرِّوَايَةِ الْمُعْتَمَدَةِ - وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَى اعْتِبَارِهِ، فَلاَ يَكُونُ الْفَقِيرُ كُفْءَ الْغَنِيَّةِ؛ لأَِنَّ التَّفَاخُرَ بِالْمَال أَكْثَرُ مِنَ التَّفَاخُرِ بِغَيْرِهِ عَادَةً، وَلأَِنَّ لِلنِّكَاحِ تَعَلُّقًا لاَزِمًا بِالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، وَلاَ تَعَلُّقَ لَهُ بِالنَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ، فَلَمَّا اعْتُبِرَتِ الْكَفَاءَةُ ثَمَّةَ فَلأََنْ تُعْتَبَرَ هَاهُنَا أَوْلَى؛ وَلأَِنَّ عَلَى الْمُوسِرَةِ ضَرَرًا فِي إِعْسَارِ زَوْجِهَا لإِِخْلاَلِهِ بِنَفَقَتِهَا وَمُؤْنَةِ أَوْلاَدِهَا، وَلِهَذَا مَلَكَتِ الْفَسْخَ بِإِخْلاَلِهِ بِنَفَقَتِهَا وَمُؤْنَةِ أَوْلاَدِهَا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَلأَِنَّ ذَلِكَ مَعْدُودٌ نَقْصًا فِي عُرْفِ النَّاسِ، وَيَتَفَاضَلُونَ فِيهِ كَتَفَاضُلِهِمْ فِي النَّسَبِ وَأَبْلَغَ، فَكَانَ مِنْ شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ كَالنَّسَبِ.

وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْيَسَارِ الْقُدْرَةُ عَلَى مَهْرِ مِثْل الزَّوْجَةِ وَالنَّفَقَةُ، وَلاَ تُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى إِنَّ الزَّوْجَ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَنَفَقَتِهَا يَكُونُ كُفْئًا لَهَا وَإِنْ كَانَ لاَ يُسَاوِيهَا فِي الْمَال؛ لأَِنَّ الْقَدْرَ الْمُعْتَبَرَ مِنَ الْمَال فِي الْيَسَارِ هُوَ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، إِذْ إِنَّ مَنْ لاَ يَمْلِكُ مَهْرًا وَلاَ نَفَقَةً لاَ يَكُونُ كُفْئًا لأَِنَّ الْمَهْرَ بَدَل الْبُضْعِ فَلاَ بُدَّ