للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بَيْنَ الزَّانِي وَبِنْتِهِ مِنَ الزِّنَى وَلَهُمْ رَأْيَانِ:

الرَّأْيُ الأَْوَّل: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ بَيْنَهُمَا كَغَيْرِهَا مِنَ الأَْوْلاَدِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ، وَذَلِكَ لِلْجُزْئِيَّةِ. (١)

قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَتَحْرُمُ عَلَى الأَْبِ بَنَاتُهُ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( {وَبَنَاتُكُمْ} . . . .) (٢) سَوَاءٌ كَانَتْ بِنْتَهُ مِنَ النِّكَاحِ أَوْ مِنَ السِّفَاحِ لِعُمُومِ النَّصِّ، قَال الْكَاسَانِيُّ: وَلأَِنَّ بِنْتَ الإِْنْسَانِ اسْمٌ لأُِنْثَى مَخْلُوقَةٍ مِنْ مَائِهِ حَقِيقَةً، وَالْكَلاَمُ فِيهِ، فَكَانَتْ بِنْتَهُ حَقِيقَةً، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ الإِْضَافَةُ شَرْعًا إِلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ، وَهَذَا لاَ يَنْفِي النِّسْبَةَ الْحَقِيقِيَّةَ، لأَِنَّ الْحَقَائِقَ لاَ مَرَدَّ لَهَا، وَهَكَذَا نَقُول فِي الإِْرْثِ وَالنَّفَقَةِ، إِنَّ النِّسْبَةَ الْحَقِيقِيَّةَ ثَابِتَةٌ إِلاَّ أَنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَ هُنَاكَ ثُبُوتَ النَّسَبِ شَرْعًا لِجَرَيَانِ الإِْرْثِ وَالنَّفَقَةِ لِمَعْنًى.

وَأَوْضَحَ ابْنُ عَابِدِينَ كَوْنَهَا مِنْ زِنًى بِقَوْلِهِ: كَأَنْ تَكُونَ بِكْرًا فَيَطَأُهَا ثُمَّ يَحْبِسُهَا حَتَّى تَلِدَ، أَوْ يَطَأُهَا


(١) المغني ٦ ٥٧٨ ـ٥٧٩، والبدائع ٢ ٢٥٧، وابن عابدين ٢ ٢٧٧، والدسوقي ٢ ٤٥٠، ومغني المحتاج ٣ ١٧٥.
(٢) سورة النساء ٢٣.