للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُمَا بِلاَ شَكٍّ مِنْ أُمُورِ الْوَاقِعِ الْمُشَاهَدِ الَّذِي لاَ يَقْوَى عَلَى إِِنْكَارِهِ إِِلاَّ مُكَابِرٌ، فَهُوَ اخْتِلاَفٌ وَاقِعٌ بَيْنَ الْبِلاَدِ الْبَعِيدَةِ كَاخْتِلاَفِ مَطَالِعِ الشَّمْسِ (١) .

وَذَلِكَ لأَِنَّ الْهِلاَل إِِذَا رُئِيَ فِي الْمَشْرِقِ وَجَبَ أَنْ يُرَى فِي الْمَغْرِبِ وَلاَ يَنْعَكِسُ، لأَِنَّ وَقْتَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِالْمَغْرِبِ يَتَأَخَّرُ عَنْ وَقْتِ غُرُوبِهَا بِالْمَشْرِقِ، فَإِِِذَا كَانَ قَدْ رُئِيَ بِالْمَشْرِقِ ازْدَادَ بِالْمَغْرِبِ نُورًا وَبُعْدًا عَنِ الشَّمْسِ وَشُعَاعُهَا قَبْل غُرُوبِهَا، فَيَكُونُ أَحَقَّ بِالرُّؤْيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِِذَا رُئِيَ بِالْمَغْرِبِ، لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ سَبَبُ الرُّؤْيَةِ تَأَخُّرَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عِنْدَهُمْ، فَازْدَادَ بُعْدًا وَضَوْءًا، وَلَمَّا غَرَبَتْ بِالْمَشْرِقِ كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا، ثُمَّ إِِنَّهُ لَمَّا رُئِيَ بِالْمَغْرِبِ كَانَ قَدْ غَرَبَ عَنْ أَهْل الْمَشْرِقِ، فَهَذَا أَمْرٌ مَحْسُوسٌ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ وَالْهِلاَل وَسَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَلِذَلِكَ إِِذَا دَخَل وَقْتُ الْمَغْرِبِ بِالْمَغْرِبِ دَخَل بِالْمَشْرِقِ وَلاَ يَنْعَكِسُ، وَكَذَلِكَ الطُّلُوعُ، إِِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ بِالْمَغْرِبِ طَلَعَتْ بِالْمَشْرِقِ وَلاَ يَنْعَكِسُ (٢) .

أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي اخْتِلاَفِ الْمَطَالِعِ وَأَدِلَّتُهُمْ

٥ - تَعَدَّدَتْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ وَأَدِلَّتُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ


(١) أحكام الصيام لتقي الدين ابن تيمية الطبعة الأولى بدار الكتب العلمية بلبنان ص ١٣ وما بعدها.
(٢) أحكام الصيام لابن تيمية ص ١٤، والفروق للقرافي ٢ / ٢٠٣، ٢٠٤