للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اخْتِيَارًا، فَدَفَعَهَا السُّلْطَانُ لِمُسْتَحِقِّهَا أَجْزَأَتْ عَنْهُ، وَإِلاَّ لَمْ تُجْزِئْهُ. فَإِنْ طَلَبَهَا الْجَائِرُ فَعَلَى رَبِّهَا جَحْدُهَا وَالْهَرَبُ بِهَا مَا أَمْكَنَ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ جَازَ.

وَهَذَا إِنْ كَانَ جَائِرًا فِي أَخْذِهَا أَوْ صَرْفِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ الأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ أَوِ الْبَاطِنَةِ.

أَمَّا إِنْ كَانَ عَادِلاً فِيهَا وَجَائِرًا فِي غَيْرِهَا، فَيَجُوزُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ (١) .

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ إِنْ طَلَبَ الإِْمَامُ الْجَائِرُ زَكَاةَ الْمَال الْبَاطِنِ، فَصَرْفُهَا إِلَيْهِ أَفْضَل، وَكَذَا زَكَاةُ الْمَال الظَّاهِرِ سَوَاءٌ لَمْ يَطْلُبْهَا أَوْ طَلَبَهَا، وَفِي التُّحْفَةِ إِنْ طَلَبَهَا وَجَبَ الدَّفْعُ إِلَيْهِ (٢) .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ دَفْعَ الزَّكَاةِ إِلَى الإِْمَامِ الْجَائِرِ وَالْبُغَاةِ وَالْخَوَارِجِ إِذَا غَلَبُوا عَلَى الْبَلَدِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ الأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ أَوِ الْبَاطِنَةِ.

وَيَبْرَأُ الْمُزَكِّي بِدَفْعِهَا إِلَيْهِمْ، سَوَاءٌ صَرَفَهَا الإِْمَامُ فِي مَصَارِفِهَا أَوْ لاَ. وَاحْتَجُّوا بِمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمْ (٣) .

إِرْسَال الْجُبَاةِ وَالسُّعَاةِ لِجَمْعِ الزَّكَاةِ وَصَرْفِهَا:

١٤٤ - يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ أَنْ يُرْسِل السُّعَاةَ لِقَبْضِ الزَّكَاةِ وَتَفْرِيقِهَا عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا، وَقَدْ


(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ١ / ٥٠٢، ٥٠٤.
(٢) القليوبي ٢ / ٤٢، ٤٣، وتحفة المحتاج ٣ / ٣٤٤، ومغني المحتاج ١ / ٤١٤.
(٣) شرح منتهى الإرادات ١ / ٤١٩، والمغني ٢ / ٦٤٤.