للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَذَفَهَا بِمَا يُوجِبُ اللِّعَانَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْحُدُودَ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَاللِّعَانُ فِي مَعْنَاهَا، فَلاَ يُؤْخَذُ فِيهِمَا بِالنُّكُول.

وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُمْ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ. فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ يُسْتَحْلَفُ الْمُنْكِرُ فِي النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالْفَيْءِ فِي الإِْيلاَءِ وَالرِّقِّ وَالاِسْتِيلاَدِ وَالْوَلاَءِ. وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يُسْتَحْلَفُ فِيهَا. وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا. وَقِيل عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِي حَال الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ رَآهُ مُتَعَنِّتًا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ رَآهُ مَظْلُومًا لاَ يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ.

ثُمَّ قَدْ قَال صَاحِبُ الأَْشْبَاهِ: لاَ يُسْتَحْلَفُ فِي إِحْدَى وَثَلاَثِينَ صُورَةً. وَنَقَل هَذَا صَاحِبُ الدُّرِّ وَعَدَّدَهَا بِالتَّفْصِيل، وَأَضَافَ إِلَيْهَا هُوَ وَابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الصُّوَرِ مَا تَمَّتْ بِهِ تِسْعًا وَسِتِّينَ صُورَةً (١) .

حُكْمُ الإِْنْكَارِ كَذِبًا:

١٧ - يَجُوزُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الإِْنْكَارُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي عِنْدَهُ حَقٌّ وَكَانَ مُبْطِلاً فِي دَعْوَاهُ. أَمَّا إِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَالِمًا بِحَقِّ الْمُدَّعِي عِنْدَهُ فَلاَ يَحِل لَهُ الإِْنْكَارُ.

وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مَسْأَلَتَيْنِ يَجُوزُ فِيهِمَا الإِْنْكَارُ، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُحِقٌّ:

الأُْولَى: دَعْوَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، كَمَا إِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَال الَّذِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ فِيهِ كَذَا، فَلِلْبَائِعِ - وَلَوْ كَانَ وَاقِفًا عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ - أَنْ


(١) تكملة فتح القدير ٧ / ١٦٩، ١٧١، ط الميمنية، وحاشية ابن عابدين ٣ / ٤٤٧، ٤٤٩، ٤٥١.