للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَوْجُودٌ مَعَهُ، وَالْجِنَايَةُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ التَّثَبُّتِ، وَلِذَا يُؤَاخَذُ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، فَلاَ تُقَدَّرُ الْعُقُوبَةُ فِيهِ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ نَفْسِهَا، وَإِنَّمَا بِقَدْرِ عَدَمِ التَّثَبُّتِ الَّذِي أَدَّى إِلَى حُصُولِهَا.

وَالْخَطَأُ يُعْذَرُ بِهِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِذَا اجْتَهَدَ، كَمَا فِي مَسْأَلَةِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّلاَةِ، وَاعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْعُقُوبَةَ عَنِ الْمُخْطِئِ، وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فَلاَ يُعْتَبَرُ الْخَطَأُ عُذْرًا فِيهَا، وَلِذَا فَإِنَّ الْمُخْطِئَ يَضْمَنُ مَا تَرَتَّبَ عَلَى خَطَئِهِ مِنْ ضَرَرٍ أَوْ تَلَفٍ. (١)

وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ: (خَطَأٍ) .

ثَانِيًا: الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ الَّتِي مِنْ غَيْرِ الإِْنْسَانِ نَفْسِهِ:

٤٣ - وَهِيَ عَارِضٌ وَاحِدٌ فَقَطْ وَهُوَ الإِْكْرَاهُ: وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: الْحَمْل عَلَى الأَْمْرِ قَهْرًا. (٢)

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: حَمْل الْغَيْرِ عَلَى مَا لاَ يَرْضَاهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَلاَ يَخْتَارُ مُبَاشَرَتَهُ لَوْ تُرِكَ وَنَفْسَهُ. (٣)

وَهُوَ مُعْدِمٌ لِلرِّضَى لاَ لِلاِخْتِيَارِ؛ لأَِنَّ الْفِعْل يَصْدُرُ عَنِ الْمُكْرَهِ بِاخْتِيَارِهِ، لَكِنَّهُ قَدْ يَفْسُدُ الاِخْتِيَارُ بِأَنْ يَجْعَلَهُ مُسْتَنِدًا إِلَى اخْتِيَارٍ آخَرَ، وَقَدْ لاَ يُفْسِدُهُ بِأَنْ يَبْقَى الْفَاعِل مُسْتَقِلًّا فِي قَصْدِهِ.

هَذَا، وَالإِْكْرَاهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مُلْجِئًا أَمْ غَيْرَ مُلْجِئٍ


(١) التقرير والتحبير ٢ / ٢٠٤ ط الأميرية، وفتح الغفار ٣ / ١١٨ ط الحلبي.
(٢) المصباح مادة: " كره ".
(٣) التقرير والتحبير ٢ / ٢٠٦ ط الأميرية، والتلويح ٢ / ١٩٦ ط صبيح، وفتح الغفار ٣ / ١١٩ ط الحلبي.