للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَكْلِيفُ الْجِنِّ وَدُخُولُهُمْ فِي عُمُومِ بِعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

٩ - اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِنَّ مُكَلَّفُونَ مُخَاطَبُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِْنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (١) وقَوْله تَعَالَى: {قُل أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} (٢) وقَوْله تَعَالَى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِْنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ. . .} إِلَى قَوْله تَعَالَى {فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (٣) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآْيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى تَكْلِيفِهِمْ وَأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ مَنْهِيُّونَ. وَلِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَمِّ الشَّيَاطِينِ وَلَعْنِهِمْ، وَالتَّحَرُّزِ مِنْ غَوَائِلِهِمْ وَشَرِّهِمْ، وَذِكْرِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ، وَهَذِهِ لاَ تَكُونُ إِلاَّ لِمَنْ خَالَفَ الأَْمْرَ وَالنَّهْيَ، وَارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ، وَهَتَكَ الْمَحَارِمَ، مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَنْ لاَ يَفْعَل ذَلِكَ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى فِعْل خِلاَفِهِ.

قَال الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: لاَ نَعْلَمُ خِلاَفًا بَيْنَ أَهْل النَّظَرِ فِي أَنَّ الْجِنَّ مُكَلَّفُونَ. وَحُكِيَ عَنِ الْحَشَوِيَّةِ أَنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ إِلَى أَفْعَالِهِمْ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُكَلَّفِينَ.

١٠ - وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى دُخُول الْجِنِّ فِي عُمُومِ


(١) سورة الذاريات / ٥٦.
(٢) سورة الجن / ١ - ٢.
(٣) سورة الرحمن / ٣٣ - ٣٤.