للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَقْدِ إِلْزَامَ ضَرَرٍ زَائِدٍ لَمْ يُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ، وَهُوَ الْحَبْسُ، لأَِنَّهُ قَدْ لاَ يُصَدَّقُ عَلَى عَدَمِ مَالٍ آخَرَ. (١)

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَجْرُ الأَْجِيرِ دَيْنٌ، وَمَتَى كَانَ عَلَى رَجُلٍ، وَكَانَ مُؤَجَّلاً، لَمْ يَجُزْ مُطَالَبَتُهُ بِهِ حَتَّى يَحِينَ أَجَلُهُ، لأَِنَّهُ لَوْ جَازَ مُطَالَبَتُهُ بِهِ سَقَطَتْ فَائِدَةُ التَّأْجِيل. وَإِنْ كَانَ حَالًّا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَجُزْ مُطَالَبَتُهُ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} وَلاَ يَمْلِكُ مُلاَزَمَتَهُ، لأَِنَّ كُل دَيْنٍ لاَ يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِهِ لَمْ يَمْلِكِ الْمُلاَزَمَةَ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّل. فَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ صَنْعَةً فَطَلَبَ الْغَرِيمُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِيَكْسِبَ مَا يُعْطِيهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ، لأَِنَّهُ إِجْبَارٌ عَلَى التَّكَسُّبِ، فَلَمْ يَجُزْ كَالإِْجْبَارِ عَلَى التِّجَارَةِ، وَإِنْ أَكْرَى أَرْضًا فَأَفْلَسَ الْمُكْتَرِي بِالأُْجْرَةِ، فَإِنْ كَانَ قَبْل اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنَ الْمَنَافِعِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ، لأَِنَّ الْمَنَافِعَ فِي الإِْجَارَةِ كَالأَْعْيَانِ الْمَبِيعَةِ فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ إِذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ ثَبَتَ لَهُ الْفَسْخُ، فَكَذَلِكَ إِذَا أَفْلَسَ الْمُكْتَرِي وَالْمَنَافِعُ بَاقِيَةٌ وَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ الْفَسْخُ. (٢)

ج - إِعْسَارُ الْمُحَال عَلَيْهِ:

١٣ - لاَ يَرْجِعُ الْمَدِينُ عَلَى الْمُحِيل إِلاَّ أَنْ يَمُوتَ الْمُحَال عَلَيْهِ مُفْلِسًا، أَوْ يَجْحَدُ وَلاَ بَيِّنَةَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ عَجَزَ عَنِ الْوُصُول إِلَى حَقِّهِ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْحَوَالَةِ سَلاَمَةُ حَقِّهِ، فَكَانَتْ مُقَيَّدَةً بِالسَّلاَمَةِ، فَإِذَا فَاتَتِ السَّلاَمَةُ انْفَسَخَتْ كَالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ. هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزَادَ الصَّاحِبَانِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِوَجْهٍ آخَرَ أَيْضًا، وَهُوَ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِإِفْلاَسِهِ فِي حَيَاتِهِ، بِنَاءً


(١) تكملة فتح القدير ٨ / ٧٦ - ٨٧، والاختيار شرح المختار ١ / ٢٣٣.
(٢) المهذب ١ / ٣٣٤، ٣٣٥.