للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَاجَاتُ غَيْرُ الْمَحْدُودَةِ لاَ تَتَرَتَّبُ فِي الذِّمَّةِ:

٢١ - الْحُقُوقُ مِنَ الْحَاجَاتِ غَيْرِ الْمَحْدُودَةِ لاَزِمَةٌ لِلإِْنْسَانِ وَمُطَالَبٌ بِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لاَ تَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّتِهِ؛ وَذَلِكَ لِمَا يَأْتِي:

أَنَّهَا لَوْ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ لَكَانَتْ مَحْدُودَةً مَعْلُومَةً؛ إِذِ الْمَجْهُول لاَ يَتَرَتَّبُ فِي الذِّمَّةِ وَلاَ يُعْقَل نِسْبَتُهُ إِلَيْهَا، فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يَتَرَتَّبَ دَيْنًا.

وَمِثَالُهُ الصَّدَقَاتُ الْمُطْلَقَةُ، وَسَدُّ الْخَلاَّتِ، وَدَفْعُ حَاجَاتِ الْمُحْتَاجِينَ، وَإِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِينَ، وَإِنْقَاذُ الْغَرْقَى. . . فَإِذَا قَال الشَّارِعُ: أَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ، أَوْ قَال: اكْسُوا الْعَارِيَ، أَوْ: أَنْفِقُوا فِي سَبِيل اللَّهِ، فَمَعْنَى ذَلِكَ طَلَبُ رَفْعِ الْحَاجَةِ فِي كُل وَاقِعَةٍ بِحَسَبِهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مِقْدَارٍ، فَإِذَا تَعَيَّنَتْ حَاجَةٌ تَبَيَّنَ مِقْدَارُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِيهَا بِالنَّظَرِ لاَ بِالنَّصِّ، فَإِذَا تَعَيَّنَ جَائِعٌ فَالْمُخَاطَبُ مَأْمُورٌ بِإِطْعَامِهِ وَسَدِّ خَلَّتِهِ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ الإِْطْلاَقِ، فَإِنْ أَطْعَمَهُ مَا لاَ يَرْفَعُ عَنْهُ الْجُوعَ فَالطَّلَبُ بَاقٍ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَفْعَل مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ كَافٍ وَرَافِعٌ لِلْحَاجَةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أُمِرَ ابْتِدَاءً، وَالَّذِي هُوَ كَافٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ السَّاعَاتِ وَالْحَالاَتِ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ. (١)

تَقْدِيمُ الْحَوَائِجِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضِهِ:

٢٢ - إِذَا اجْتَمَعَتِ الْحَوَائِجُ وَأَمْكَنَ تَحْصِيلُهَا حُصِّلَتْ، وَذَلِكَ مِثْل الْمُسْتَحِقِّينَ مِنَ الزَّكَاةِ إِذَا


(١) الموافقات ١ / ١٥٧.