للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالْبَاطِنُ هُوَ خُلُقٌ فِي النَّفْسِ، وَالظَّاهِرُ هُوَ أَعْمَالٌ تَصْدُرُ عَنِ الْجَوَارِحِ. وَاسْمُ الْكِبْرِ بِالْخُلُقِ الْبَاطِنِ أَحَقُّ، وَأَمَّا الأَْعْمَال فَإِنَّهَا ثَمَرَاتٌ لِذَلِكَ الْخُلُقِ. وَخُلُقُ الْكِبْرِ مُوجِبٌ لِلأَْعْمَال، وَلِذَلِكَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى الْجَوَارِحِ يُقَال: تَكَبَّرَ، وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ يُقَال: فِي نَفْسِهِ كِبْرٌ، فَالأَْصْل هُوَ الْخُلُقُ الَّذِي فِي النَّفْسِ، وَهُوَ الاِسْتِرْوَاحُ وَالرُّكُونُ إِلَى رُؤْيَةِ النَّفْسِ فَوْقَ الْمُتَكَبَّرِ عَلَيْهِ. وَلِهَذَا فَإِنَّ الْكِبْرَ يَسْتَدْعِي مُتَكَبَّرًا عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مُتَكَبِّرٌ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ غَيْرِهِ، وَهُوَ يَرَى نَفْسَهُ فَوْقَ هَذَا الْغَيْرِ فِي صِفَاتِ الْكَمَال، فَعِنْدَئِذٍ يَكُونُ مُتَكَبِّرًا، وَلاَ يَكْفِي أَنْ يَسْتَعْظِمَ نَفْسَهُ لِيَكُونَ مُتَكَبِّرًا، فَإِنَّهُ قَدْ يَسْتَعْظِمُ نَفْسَهُ، وَلَكِنَّهُ يَرَى غَيْرَهُ أَعْظَمَ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ مِثْل نَفْسِهِ، فَلاَ يَتَكَبَّرُ عَلَيْهِ. وَلاَ يَكْفِي أَنْ يَسْتَحْقِرَ غَيْرَهُ. فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَوْ رَأَى غَيْرَهُ مِثْل نَفْسِهِ لَمْ يَتَكَبَّرْ. بَل يَنْبَغِي لِيَكُونَ مُتَكَبِّرًا أَنْ يَرَى لِنَفْسِهِ مَرْتَبَةً وَلِغَيْرِهِ مَرْتَبَةً، ثُمَّ يَرَى مَرْتَبَةَ نَفْسِهِ فَوْقَ مَرْتَبَةِ غَيْرِهِ، فَعِنْدَ هَذِهِ الاِعْتِقَادَاتِ الثَّلاَثَةِ يَحْصُل فِيهِ خُلُقُ الْكِبْرِ. بَل إِنَّ هَذِهِ الْعَقِيدَةَ تُنْفَخُ فِيهِ، فَيَحْصُل فِي قَلْبِهِ اعْتِدَادٌ، وَهِزَّةٌ، وَفَرَحٌ، وَرُكُونٌ إِلَى مَا اعْتَقَدَهُ، وَعِزٌّ فِي نَفْسِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَتِلْكَ الْعِزَّةُ، وَالْهِزَّةُ، وَالرُّكُونُ إِلَى الْعَقِيدَةِ هُوَ خُلُقُ الْكِبْرِ (١) .

ب - الْعُجْبُ:

٣ - الْعُجْبُ فِي اللُّغَةِ هُوَ: الزُّهُوُّ، يُقَال رَجُل مُعْجَبٌ: يَعْنِي مَزْهُوٌّ بِمَا يَكُونُ مِنْهُ حَسَنًا أَوْ قَبِيحًا (٢) .


(١) إحياء علوم الدين للغزالي ١١ / ١٨، ١٩
(٢) لسان العرب لابن منظور ٥ / ٥٨٢