للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَْحْوَال الَّتِي يُشْرَعُ فِيهَا الْحَبْسُ:

حَالاَتُ الْحَبْسِ بِسَبَبِ الاِعْتِدَاءِ عَلَى النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا:

أ - حَبْسُ الْقَاتِل عَمْدًا لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ فِي الدَّمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْتُول:

٤٦ - مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ حَبْسُ الْقَاتِل عَمْدًا سَنَةً وَضَرْبُهُ مِائَةً إِذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ بِعَدَمِ التَّكَافُؤِ كَالْحُرِّ يَقْتُل الْعَبْدَ، وَالْمُسْلِمُ يَقْتُل الذِّمِّيَّ أَوِ الْمُسْتَأْمَنَ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً قَتَل عَبْدَهُ مُتَعَمِّدًا فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَنَفَاهُ سَنَةً، وَمَحَا سَهْمَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُقِدْهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً (١) .

وَنُقِل عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَحْوُ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ فَعَل عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَلاَ يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَبْسَ هُنَا، بَل ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ تَجِبُ الدِّيَةُ فَقَطْ (٢) .


(١) حديث: " أن رجلا قتل عبده متعمدا. . . . " أخرجه البيهقي (٨ / ٣٦ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وذكر أحاديث أخرى ثم قال: " أسانيد هذه الأحاديث ضعيفة لا تقوم بشيء منها الحجة، إلا أن أكثر أهل العلم على أن لا يقتل الرجل
(٢) الاختيار ٥ / ٢٦ - ٢٧، وحاشية القليوبي ٤ / ١٠٦ - ١٠٧، والمغني لابن قدامة ٧ / ٦٥٢، والمحلى لابن حزم ١٠ / ٣٤٧ - ٤٥٩ و ٤٦٢، والقوانين لابن جزي ص ٢٢٧، وكفاية الطالب ٢ / ٢٥٥، وأقضية الرسول لابن فرج ص ١١، والمصنف لعبد الرزاق ٩ / ٤٠٧ - ٤٠٨ و ٤٩٠.