للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَقْضِي بِهَلاَكِ أَحَدِهِمَا مَا دَامَ مَا تُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ بَاقِيًا. وَقَدْ كَانَ رَأْيُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ الإِْجَارَةَ لاَ تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ. رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الإِْجَارَةِ أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ قَال فِيمَنِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَمَاتَ الْمُؤَجِّرُ: لَيْسَ لأَِهْلِهِ أَنْ يُخْرِجُوهُ إِلَى تَمَامِ الأَْجَل. وَقَال بِذَلِكَ الْحَسَنُ وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَقَال ابْنُ عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى خَيْبَرَ لأَِهْلِهَا لِيَعْمَلُوا فِيهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ " (١) وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ جَدَّدَا الإِْجَارَةَ. (٢)

سَادِسًا: أَثَرُ بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ:

٧٣ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ، وَالْمَالِكِيَّةُ إِنْ كَانَ هُنَاكَ اتِّهَامٌ، إِلَى أَنَّهُ لاَ تُفْسَخُ الإِْجَارَةُ بِالْبَيْعِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ تُهْمَةٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي غَيْرِ الأَْظْهَرِ، إِلَى أَنَّ الإِْجَارَةَ تُفْسَخُ بِالْبَيْعِ.

وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ هُوَ الْعَيْنُ، وَالْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الإِْجَارَةِ هُوَ الْمَنَافِعُ، فَلاَ تَعَارُضَ.


(١) حديث: " إن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر لأهلها. . . " أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه بلفظ " لما فتحت خيبر سأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم فيها على أن يعملوا على نصف ما يخرج منها من الثمر والزرع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نقركم فيها على ذلك ما شئنا " (نصب الراية ٤ / ١٧٩)
(٢) الشرح الصغير ٤ / ١٧٩، ١٨٣، وحاشية الدسوقي ٤ / ٣٢، والقليوبي ٣ / ٨٤، والمغني ٥ / ٤٣١، والبخاري - كتاب الإجارة