للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَعَرَّفَ الْحَنَفِيَّةُ التَّحَرِّيَ بِأَنَّهُ بَذْل الْجُهُودِ لِنَيْل الْمَقْصُودِ. وَأَفَادَ ابْنُ عَابِدِينَ بِأَنَّ قِبْلَةَ التَّحَرِّي مَبْنِيَّةٌ عَلَى مُجَرَّدِ شَهَادَةِ الْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ، وَعَبَّرَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ جِهَةً مِنَ الْجِهَاتِ الأَْرْبَعِ يُصَلِّي إلَيْهَا صَلاَةً وَاحِدَةً، وَلاَ إعَادَةَ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ عَنْهُ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ ابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَوْل بَعْضِهِمْ بِتَكْرَارِ الصَّلاَةِ إلَى الْجِهَاتِ الأَْرْبَعِ فِي حَالَةِ التَّحَرِّي وَعَدَمِ الرُّكُونِ إلَى جِهَةٍ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ كَانَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، وَيَقْضِي لِنُدْرَتِهِ (١) .

تَرْكُ التَّحَرِّي:

٣٢ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ بِالأَْدِلَّةِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَشْرَعَ فِي الصَّلاَةِ دُونَ أَنْ يَتَحَرَّى وَإِنْ أَصَابَ، لِتَرْكِهِ فَرْضَ التَّحَرِّي، إلاَّ أَنَّهُ لاَ يُعِيدُ إنْ عَلِمَ إصَابَتَهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ اتِّفَاقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، بِخِلاَفِ إِذَا عَلِمَ الإِْصَابَةَ قَبْل التَّمَامِ، فَإِنَّ صَلاَتَهُ تَبْطُل لأَِنَّهُ بَنَى قَوِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ خِلاَفًا لأَِبِي يُوسُفَ.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ الَّذِي تَخْفَى عَلَيْهِ أَدِلَّةُ الْقِبْلَةِ يَتَخَيَّرُ جِهَةً مِنَ الْجِهَاتِ الأَْرْبَعِ، وَيُصَلِّي إلَيْهَا وَيَسْقُطُ عَنْهُ الطَّلَبُ لِعَجْزِهِ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِلاَ تَحَرٍّ أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ


(١) رد المحتار ١ / ٢٨٩، ٢٩١، والبحر الرائق ١ / ٣٠٣، والزرقاني ١ / ١٨٩، والدسوقي ١ / ٢٢٥، ونهاية المحتاج ١ / ٤٢٢، والشرح الكبير مع المغني ١ / ٤٩٣.