للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَاذِلاً إِنْ تَرَفَّعَ أَوْ مُقِرًّا إِنْ تَوَرَّعَ، لأَِنَّ التَّرَفُّعَ أَوِ التَّوَرُّعَ إِنَّمَا يَحِل إِذَا لَمْ يُفْضِ إِلَى الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ (١) . وَبِأَنَّ الدَّعْوَى لَمَّا صَحَّتْ مِنَ الْمُدَّعِي، فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ بَذْل الْمَال وَبَيْنَ الْيَمِينِ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُمَا - وَأَحَدُهُمَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ دُونَ الآْخَرِ - نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ فِيمَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ، وَهَذَا لأَِنَّ تَمْكِينَهُ مِنَ الْمُنَازَعَةِ شَرْعًا مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَحْلِفَ، فَإِذَا أَبَى ذَلِكَ فَقَدْ صَارَ تَارِكًا لِلْمُنَازَعَةِ بِتَفْوِيتِ شَرْطِهَا، فَكَأَنَّهُ قَال: لاَ أُنَازِعُكَ فِي هَذَا الْمَال، فَيَتَمَكَّنُ الْمُدَّعِي مِنْ أَخْذِهِ، لأَِنَّهُ يَدَّعِيهِ وَلاَ مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ (٢) . وَبِأَنَّ الْيَمِينَ بَيِّنَةٌ فِي الْمَال، فَحُكِمَ فِيهَا بِالنُّكُول، كَمَا لَوْ مَاتَ مَنْ لاَ وَارِثَ لَهُ فَوَجَدَ الإِْمَامُ فِي تَذْكِرَتِهِ دَيْنًا لَهُ عَلَى إِنْسَانٍ فَطَالَبَهُ بِهِ، فَأَنْكَرَهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ، فَنَكَل، فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الْيَمِينَ لاَ تُرَدُّ (٣) .

٦ - الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَإِنَّمَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ حَلَفَ قَضَى لَهُ بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ، وَإِنْ نَكَل انْقَطَعَتِ الْمُنَازَعَةُ عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ بَعْضِهِمْ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي يُقْضَى بِهِ فِيهَا.


(١) الْعِنَايَة ٦ / ١٥٨، ١٥٩
(٢) الْمَبْسُوط ١٧ / ٣٥
(٣) الْمُغْنِي ٩ / ٢٣٦