للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا أَمْضَاهُ، فَإِنْ كَانَ فِي حُكْمٍ نَفَذَ عَلَى وَجْهِهِ، أَوْ فِي مَالٍ وُضِعَ فِي حَقِّهِ لَمْ يَجُزْ نَقْضُ مَا نَفَذَ بِاجْتِهَادِهِ مِنْ حُكْمٍ وَلاَ اسْتِرْجَاعِ مَا فَرَّقَ بِرَأْيِهِ مِنْ مَالٍ، فَإِنْ كَانَ فِي تَقْلِيدِ وَالٍ أَوْ تَجْهِيزِ جَيْشٍ وَتَدْبِيرِ حَرْبٍ جَازَ لِلإِْمَامِ مُعَارَضَتُهُ بِعَزْل الْمُوَلَّى وَالْعُدُول بِالْجَيْشِ إِلَى حَيْثُ يَرَى، وَتَدْبِيرِ الْحَرْبِ بِمَا هُوَ أَوْلَى، لأَِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَسْتَدْرِكَ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَال نَفْسِهِ، فَكَانَ أَوْلَى أَنْ يَسْتَدْرِكَهُ مِنْ أَفْعَال وَزِيرِهِ. (١)

تَعَدُّدُ وُزَرَاءِ التَّفْوِيضِ:

١٩ - قَال الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى مَا مُفَادُهُ: (٢)

لاَ يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يُقَلِّدَ وَزِيرَيْ تَفْوِيضٍ عَلَى الاِجْتِمَاعِ لِعُمُومِ وِلاَيَتِهِمَا، كَمَا لاَ يَجُوزُ تَقْلِيدُ إِمَامَيْنِ لأَِنَّهُمَا رُبَّمَا تَعَارَضَا فِي الْعَقْدِ وَالْحَل، وَالتَّقْلِيدِ وَالْعَزْل.

فَإِنْ قَلَّدَ وَزِيرَيْ تَفْوِيضٍ لَمْ يَخْل حَال تَقْلِيدِهِ لَهُمَا مِنْ ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُفَوِّضَ إِلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُمُومَ النَّظَرِ فَلاَ يَصِحُّ لِمَا ذُكِرَ، وَيُنْظَرُ فِي تَقْلِيدِهِمَا، فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَطَل تَقْلِيدُهُمَا مَعًا، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ صَحَّ تَقْلِيدُ السَّابِقِ وَبَطَل تَقْلِيدُ الْمَسْبُوقِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُشْرِكَ بَيْنَهُمَا فِي النَّظَرِ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ، وَلاَ يَجْعَل إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ


(١) المصدران السابقان.
(٢) الأحكام السلطانية للماوردي ٢٧ ولأبي يعلى ١٤.