للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِعْدَادُ الْكَفَنِ مُقَدَّمًا:

١٥ - فِي الْبُخَارِيِّ: عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا. . . فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ فَقَال: أَكْسِنِيهَا مَا أَحْسَنَهَا. قَال الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ، قَال: إِنِّي وَاَللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لأَِلْبَسَهَا، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي، قَال سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ (١) . وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْجَوَازِ، لِعَدَمِ إِنْكَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ (٢) . وَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ. وَيَنْبَغِي أَنْ لاَ يُكْرَهَ تَهْيِئَةُ الْكَفَنِ لأَِنَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ مُتَحَقِّقَةٌ غَالِبًا. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يُنْدَبُ أَنْ يَعُدَّ لِنَفْسِهِ كَفَنًا لِئَلاَّ يُحَاسَبَ عَلَى اتِّخَاذِهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ حَلٍّ أَوْ أَثَرٍ مِنْ ذِي صَلاَحٍ فَحَسُنَ إِعْدَادُهُ، لَكِنْ لاَ يَجِبُ تَكْفِينُهُ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلاَمُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ، بَل لِلْوَارِثِ إِبْدَالُهُ. وَلِهَذَا لَوْ نُزِعَتِ الثِّيَابُ الْمُلَطَّخَةُ بِالدَّمِ عَنِ الشَّهِيدِ وَكُفِّنَ فِي غَيْرِهَا جَازَ مَعَ أَنَّ فِيهَا أَثَرَ الْعِبَادَةِ الشَّاهِدَةِ لَهُ بِالشَّهَادَةِ، فَهَذَا أَوْلَى.


(١) حديث سهل بن سعد: أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ١٤٣ ط السلفية) .
(٢) فتح الباري ٣ / ١٤٣، وابن عابدين ١ / ٦٠٦، ونهاية المحتاج ٢ / ٤٥٦، والجمل شرح المنهج ٢ / ١٥٦، وشرح التحرير بحاشية الشرقاوي ١ / ٣٣٧، والمجموع ٥ / ٢١١، والمغني لابن قدامة ٢ / ٤٦٧ ط الرياض.