للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُقْرَضَ بِالتَّصَرُّفِ، فَإِذَا تَصَرَّفَ فِيهِ تَبَيَّنَ ثُبُوتُ مِلْكِهِ قِبَلَهُ، وَالْمُرَادُ بِالتَّصَرُّفِ: كُل عَمَلٍ يُزِيل الْمِلْكَ، كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالإِْعْتَاقِ وَالإِْتْلاَفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (١) قَالُوا: لأَِنَّهُ لَيْسَ بِتَبَرُّعٍ مَحْضٍ، إِذْ يَجِبُ فِيهِ الْبَدَل، وَلَيْسَ عَلَى حَقَائِقِ الْمُعَاوَضَاتِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ تَمَلُّكُهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ بَدَلِهِ (٢) .

(وَالرَّابِعُ) لأَِبِي يُوسُفَ، وَهُوَ أَنَّ الْقَرْضَ لاَ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ مَا لَمْ يُسْتَهْلَكْ، وَحُجَّتُهُ أَنَّ الإِْقْرَاضَ إِعَارَةٌ، بِدَلِيل أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ فِيهِ الأَْجَل، إِذْ لَوْ كَانَ مُعَاوَضَةً لَلَزِمَ فِيهِ، كَمَا فِي سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ يَمْلِكُهُ الأَْبُ وَالْوَصِيُّ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ وَالْمُكَاتَبُ، وَهَؤُلاَءِ يَمْلِكُونَ الْمُعَاوَضَاتِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الإِْقْرَاضَ إِعَارَةٌ، فَتَبْقَى الْعَيْنُ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمُقْرِضِ قَبْل أَنْ يَسْتَهْلِكَهَا الْمُقْتَرِضُ (٣) .

ب - مِنْ حَيْثُ مُوجِبُهُ:

١٨ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمُقْتَرِضَ تَنْشَغِل ذِمَّتُهُ بِبَذْل الْقَرْضِ لِلْمُقْرِضِ بِمُجَرَّدِ تَمَلُّكِهِ لِمَحَل الْقَرْضِ، وَيَصِيرُ مُلْتَزِمًا بِرَدِّ الْبَدَل إِلَيْهِ


(١) نهاية المحتاج ٤ / ٢٢٦، وروضة الطالبين ٤ / ٣٥، وتحفة المحتاج ٥ / ٤٨، ومغني المحتاج ٢ / ١٢٠، والمهذب ١ / ٣١٠، والأشباه والنظائر للسيوطي ص ٣٢٠.
(٢) فتح العزيز للرافعي ٩ / ٣٩٢.
(٣) رد المحتار ٤ / ١٧٣، (ط. بولاق ١٢٧٢ هـ) وبدائع الصنائع ٧ / ٣٩٦.