للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّدَرُّجُ فِي تَشْرِيعِ الْمِيرَاثِ:

٥ - كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ يَتَوَارَثُونَ بِشَيْئَيْنِ: النَّسَبُ وَالسَّبَبُ.

فَأَمَّا مَا يَسْتَحِقُّ بِالنَّسَبِ فَلَمْ يَكُونُوا يُوَرِّثُونَ الصِّغَارَ وَلاَ الإِْنَاثَ، وَإِنَّمَا يُوَرِّثُونَ مَنْ قَاتَل وَحَازَ الْغَنِيمَةَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَآخَرِينَ إِلَى أَنْ أَنْزَل اللَّهُ تَعَالَى {وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاءِ قُل اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} : إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ} (١) وَأَنْزَل اللَّهُ تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ} . (٢)

وَقَدْ كَانُوا بَعْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْمُنَاكَحَاتِ وَالطَّلاَقِ وَالْمِيرَاثِ إِلَى أَنْ نُقِلُوا عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ بِالشَّرِيعَةِ.

قَال ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَبَلَغَكَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ النَّاسَ عَلَى مَا أَدْرَكَهُمْ مِنْ طَلاَقٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ مِيرَاثٍ؟ ، قَال: لَمْ يَبْلُغْنَا إِلاَّ ذَلِكَ (٣) .

وَرَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَال: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ عَلَى أَمْرِ جَاهِلِيَّتِهِمْ إِلَى أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ أَوْ يُنْهَوْا عَنْهُ، وَإِلاَّ فَهُمْ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ جَاهِلِيَّتِهِمْ.

وَكَانَ السَّبَبُ الَّذِي يَتَوَارَثُونَ بِهِ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْحَلِفُ وَالْمُعَاقَدَةُ، وَالآْخَرُ التَّبَنِّي. ثُمَّ جَاءَ الإِْسْلاَمُ فَتُرِكُوا بُرْهَةً مِنَ الدَّهْرِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ نُسِخَ. فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُول: إِنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْحَلِفِ وَالْمُعَاقَدَةِ بِنَصِّ التَّنْزِيل ثُمَّ نُسِخَ، وَقَال


(١) سورة النساء / ١٢٧
(٢) سورة النساء / ١١
(٣) الجصاص ٢ / ٩٠