للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التَّوْبَةُ:

٧٣ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ النَّصُوحَ، أَيِ النَّدَمَ الَّذِي يُورِثُ عَزْمًا عَلَى إِرَادَةِ التَّرْكِ تُسْقِطُ عَذَابَ الآْخِرَةِ عَنِ السَّارِقِ (١) ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي أَثَرِ التَّوْبَةِ عَلَى إِقَامَةِ حَدِّ السَّرِقَةِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَعَطَاءٌ، وَجَمَاعَةٌ: إِلَى أَنَّ التَّوْبَةَ لاَ تُسْقِطُ حَدَّ السَّرِقَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ} (٢) مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ تَائِبٍ وَغَيْرِهِ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ الْحَدَّ عَلَى عَمْرِو بْنِ سَمُرَةَ، حِينَ أَتَاهُ تَائِبًا يَطْلُبُ التَّطْهِيرَ مِنْ سَرِقَتِهِ جَمَلاً (٣) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ - وَالْحَنَابِلَةُ - فِي الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى - إِلَى أَنَّ التَّوْبَةَ تُسْقِطُ حَدَّ السَّرِقَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى - بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ جَزَاءَ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ -: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ


(١) إحياء علوم الدين ٤ / ٢٠، معالم السنن ٣ / ٣٠١.
(٢)) سورة المائدة / ٣٨.
(٣) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الحد على عمرو بن سمرة ". أخرجه ابن ماجه (٢ / ٨٦٣ - ط الحلبي) من حديث ثعلبة الأنصاري، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (٢ / ٧٥ - ط دار الجنان) .