للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخِلاَفَ بَيْنَ الإِْمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي اشْتِرَاطِ إِذْنِ الإِْمَامِ فِي الإِْحْيَاءِ إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيِّ فَيُشْتَرَطُ الإِْذْنُ اتِّفَاقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ إِحْيَاءِ الذِّمِّيِّ فِي بِلاَدِ الإِْسْلاَمِ، فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الأَْرْضَ الَّتِي لَمْ تُعَمَّرْ قَطُّ إِنْ كَانَتْ بِبِلاَدِ الإِْسْلاَمِ فَلِلْمُسْلِمِ تَمَلُّكُهَا بِالإِْحْيَاءِ، أَذِنَ فِيهِ الإِْمَامُ أَمْ لاَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِذِمِّيٍّ وَإِنْ أَذِنَ الإِْمَامُ، فَغَيْرُ الذِّمِّيِّ مِنَ الْكُفَّارِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ، فَلاَ عِبْرَةَ بِإِحْيَائِهِ، وَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَيَمْلِكَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَيْنٌ فِيهِ كَزَرْعٍ رَدَّهُ الْمُسْلِمُ إِلَيْهِ، فَإِنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَال، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَلاَ أُجْرَةَ عَلَيْهِ مُدَّةَ إِحْيَائِهِ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لأَِحَدٍ (١) .

وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُسْلِمَ، وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ يَمْلِكُ مَا أَحْيَاهُ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يُحْيِيَ، لَكِنْ مَا يُحْيِيهِ يَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ (٢) . وَلَمْ يَذْكُرُوا شَيْئًا عَنْ إِحْيَاءِ الْمَجْنُونِ. وَبَاقِي الْمَذَاهِبِ لَمْ يُسْتَدَل عَلَى أَحْكَامِ إِحْيَاءِ الْمَذْكُورِينَ عِنْدَهُمْ، وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ يَدُل بِعُمُومِهِ عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ يَمْلِكَانِ مَا يُحْيِيَانِهِ.

ب - فِي بِلاَدِ الْكُفَّارِ:

٢٣ - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْبَاجِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ


(١) شرح الهداية ٩ / ٥ ط الميمنية، وشرح الدر بهامش ابن عابدين ٥ / ٢٧٨ ط الأميرية، والتاج والإكليل على هامش الحطاب ٦ / ١٢ ط ليبيا، والقليوبي وعميرة ٣ / ٨٨ ط الحلبي، والمغني ٥ / ٥٦٦ ط الرياض
(٢) قليوبي وعميرة ٣ / ٨٨ / ٣ ٢٤٨ / ٣