للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرُّكْنُ الثَّانِي: الْعَاقِدَانِ (الْمُقْرِضُ وَالْمُقْتَرِضُ) :

(أ) مَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَرْضِ:

١٠ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقْرِضِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل التَّبَرُّعِ، أَيْ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلاً رَشِيدًا (١) ، قَال الْبُهُوتِيُّ: لأَِنَّهُ عَقْدُ إِرْفَاقٍ، فَلَمْ يَصِحَّ إِلاَّ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ، كَالصَّدَقَةِ (٢) ، وَقَدْ أَكَّدَ الْكَاسَانِيُّ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: لأَِنَّ الْقَرْضَ لِلْمَال تَبَرُّعٌ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لاَ يُقَابِلُهُ عِوَضٌ لِلْحَال، فَكَانَ تَبَرُّعًا لِلْحَال، فَلاَ يَجُوزُ إِلاَّ مِمَّنْ يَجُوزُ مِنْهُ التَّبَرُّعُ (٣) .

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ عَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ فِي الْقَرْضِ شَائِبَةَ تَبَرُّعٍ، لاَ أَنَّهُ مِنْ عُقُودِ الإِْرْفَاقِ وَالتَّبَرُّعِ، فَقَال صَاحِبُ " أَسْنَى الْمَطَالِبِ " " لأَِنَّ الْقَرْضَ فِيهِ شَائِبَةُ التَّبَرُّعِ، وَلَوْ كَانَ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً لَجَازَ لِلْوَلِيِّ - غَيْرِ الْقَاضِي قَرْضُ مَال مُوَلِّيهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلاَشْتُرِطَ فِي قَرْضِ الرِّبَوِيِّ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَجَازَ فِي غَيْرِهِ شَرْطُ الأَْجَل، وَاللَّوَازِمُ بَاطِلَةٌ (٤) ".

وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ أَهْلِيَّةَ الْمُقْرِضِ


(١) الفتاوى الهندية ٣ / ٢٠٦، وفتح العزيز ٩ / ٣٥١، ونهاية المحتاج ٤ / ٢١٩، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٢٥.
(٢) كشاف القناع ٣ / ٣٠٠ (مطبعة الحكومة بمكة المكرمة) .
(٣) بدائع الصنائع ٧ / ٣٩٤ (المطبعة الجمالية بمصر) .
(٤) أسنى المطالب ٢ / ١٤٠، وانظر تحفة المحتاج ٥ / ٤١، ونهاية المحتاج ٤ / ٢١٩.