للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَعْنَى الدِّيَانَةِ هُنَا مَعَ نَفْيِ الْقَبُول ظَاهِرًا، أَنْ يُقَال لِلْمَرْأَةِ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَلاَ يَجُوزُ لَكِ تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِكِ إِلاَّ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّكِ صِدْقُهُ بِقَرِينَةٍ. وَيُقَال لِلزَّوْجِ: لاَ نُمَكِّنُكَ مِنْ تَتَبُّعِهَا، وَلَكَ أَنْ تَتْبَعَهَا، وَالطَّلَبُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا، وَتَحِل لَكَ إِذَا رَاجَعْتَهَا (١) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: مَعْنَى الدِّيَانَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَهُ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلاَقِ. أَمَّا الْقَاضِي فَلاَ يَجُوزُ لَهُ تَصْدِيقُهُ، وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْوُقُوعِ؛ لأَِنَّهُ خِلاَفُ الظَّاهِرِ، بِلاَ قَرِينَةٍ، وَالْمَرْأَةُ كَالْقَاضِي، لاَ يَحِل لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا، وَلَيْسَ لَهَا دَفْعُهُ عَنْهَا بِقَتْلِهِ، بَل تَفْدِي نَفْسَهَا بِمَالٍ أَوْ تَهْرُبُ مِنْهُ (٢) .

ضَابِطُ مَا يُدَيَّنُ فِيهِ، وَمَا يُقْبَل ظَاهِرًا:

٥ - قَال الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: مَا يَدَّعِيهِ الشَّخْصُ مِنَ النِّيَّةِ: أَرْبَعُ مَرَاتِبَ: أَحَدُهَا: أَنْ يَرْفَعَ مَا صَرَّحَ بِهِ بِأَنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَال: أَرَدْتُ طَلاَقًا لاَ يَقَعُ عَلَيْكِ، أَوْ لَمْ أُرِدْ إِيقَاعَ الطَّلاَقِ، فَلاَ تُؤَثِّرُ دَعْوَاهُ ظَاهِرًا، وَلاَ يُدَيَّنُ بَاطِنًا؛ لأَِنَّهُ خِلاَفُ الظَّاهِرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ.

ثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِيهِ مُقَيِّدًا لِمَا تَلَفَّظَ بِهِ


(١) روضة الطالبين ٨ / ١٨ - ٢٠
(٢) ابن عابدين ٢ / ٤٣٢، وفيه تفصيل لا بد من الرجوع إليه لضبط المسألة