للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ الْجَانِبَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (١)

وَخَبَرِ: إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ (٢) وَلاَ يُقِرُّ الْفُقَهَاءُ بَيْعًا لَمْ يَقُمْ عَلَى التَّرَاضِي مِنَ الْجَانِبَيْنِ: الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، إِلاَّ مَا تُوجِبُهُ الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ لإِِحْقَاقِ حَقٍّ، أَوْ تَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِهِمْ: الإِْكْرَاهُ الْمَشْرُوعُ، أَوِ الإِْكْرَاهُ بِحَقٍّ.

وَمِنْهَا: الْعُقُودُ الْجَبْرِيَّةُ الَّتِي يُجْرِيهَا الْحَاكِمُ، إِمَّا مُبَاشَرَةً نِيَابَةً عَمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إِجْرَاؤُهَا، إِذَا امْتَنَعَ عَنْهَا، أَوْ يُجْبَرُ هُوَ عَلَى إِجْرَائِهَا.

وَيَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ أَمْثِلَةً لِلْجَبْرِ الْمَشْرُوعِ عَلَى الْبَيْعِ مِنْهَا:

إِجْبَارُ الْمَدِينِ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ:

٥ - يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ لإِِيفَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ، إِذَا امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهِ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، فَيَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ بِالتَّعْزِيرِ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ أَوِ الضَّرْبِ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الاِمْتِنَاعِ قَضَى الْحَاكِمُ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ جَبْرًا عَلَيْهِ، إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ.

هَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.


(١) سورة النساء / ٢٩
(٢) حديث: " إنما البيع عن تراض " أخرجه ابن ماجه (٢ / ٧٣٧ - ط الحلبي) . وقال البوصيري: إسناده صحيح ورجاله موثقون.