للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَاذِفِ الْمَجْبُوبِ، وَقَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَكَذَلِكَ الرَّتْقَاءُ، وَقَال الْحَسَنُ: لاَ حَدَّ عَلَى قَاذِفِ الْخَصِيِّ، لأَِنَّ الْعَارَ مُنْتَفٍ عَنْ هَؤُلاَءِ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِ الْقَاذِفِ، وَالْحَدُّ إِنَّمَا يَجِبُ لِنَفْيِ الْعَارِ.

وَعِنْدَ أَحْمَدَ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى قَاذِفِ الْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ وَالْمَرِيضِ وَالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} . (١)

وَالرَّتْقَاءُ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ هَذَا، وَلأَِنَّهُ قَاذِفٌ لِمُحْصَنٍ فَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ كَقَاذِفِ الْقَادِرِ عَلَى الْوَطْءِ؛ وَلأَِنَّ إِمْكَانَ الْوَطْءِ أَمْرٌ خَفِيٌّ لاَ يَعْلَمُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَلاَ يَنْتَفِي الْعَارُ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْهُ بِدُونِ الْحَدِّ، فَيَجِبُ كَقَذْفِ الْمَرِيضِ (٢) .

إِثْبَاتُ الإِْحْصَانِ فِي الْقَذْفِ:

١٦ - كُل مُسْلِمٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِفَّةِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِالزِّنَى، أَوْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةٍ عُدُولٍ، فَإِذَا قُذِفَ إِنْسَانٌ بِالزِّنَى فَالْمُطَالَبُ بِإِثْبَاتِ الزِّنَى وَعَدَمِ الْعِفَّةِ هُوَ الْقَاذِفُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} .

وَأَمَّا الْمَقْذُوفُ فَلاَ يُطَالَبُ بِإِثْبَاتِ الْعِفَّةِ؛ لأَِنَّ النَّاسَ مَحْمُولُونَ عَلَيْهَا حَتَّى يُثْبِتَ الْقَاذِفُ خِلاَفَهُ، فَإِذَا أَقَرَّ الْقَاذِفُ بِإِحْصَانِ الْمَقْذُوفِ ثَبَتَ الإِْحْصَانُ.

وَإِنْ أَنْكَرَ الْقَاذِفُ الإِْحْصَانَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ الْبُرْهَانَ


(١) سورة النور / ٤
(٢) المغني ٩ / ٨٤ ط القاهرة، وابن عابدين ٣ / ١٦٨، والدسوقي ٤ / ٣٢٦