للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمِهِ مَعَ اعْتِدَال السَّمْعِ وَعَدَمِ الْمَوَانِعِ.

هَذَا وَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ إِشَارَةَ الأَْخْرَسِ بِالْيَمِينِ تَقُومُ مَقَامَ النُّطْقِ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ الْكِتَابَةَ لَوْ كَانَتْ بِالصَّرِيحِ تُعْتَبَرُ كِنَايَةً؛ لأَِنَّهَا تَحْتَمِل النَّسْخَ، وَتَجْرِبَةُ الْقَلَمِ وَالْمِدَادِ وَغَيْرِهَا، وَبِأَنَّ إِشَارَةَ الأَْخْرَسِ إِنِ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ فَهِيَ كِنَايَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ، وَإِنْ فَهِمَهَا كُل إِنْسَانٍ فَهِيَ صَرِيحَةٌ. (١)

الطَّوَاعِيَةُ وَالْعَمْدُ فِي الْحَالِفِ:

٥٤ - لاَ تُشْتَرَطُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الطَّوَاعِيَةُ - أَيِ الاِخْتِيَارُ - فِي الْحَالِفِ، وَلاَ الْعَمْدُ - أَيِ الْقَصْدُ - فَتَصِحُّ عِنْدَهُمْ يَمِينُ الْمُكْرَهِ وَالْمُخْطِئِ، وَهُوَ مَنْ أَرَادَ غَيْرَ الْحَلِفِ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إِلَى الْحَلِفِ، كَأَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُول: اسْقِنِي الْمَاءَ، فَقَال: وَاللَّهِ لاَ أَشْرَبُ الْمَاءَ؛ لأَِنَّهَا مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لاَ تَحْتَمِل الْفَسْخَ فَلاَ يُؤَثِّرُ فِيهَا الإِْكْرَاهُ وَالْخَطَأُ، كَالطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لاَ تَحْتَمِل الْفَسْخَ.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: تُشْتَرَطُ الطَّوَاعِيَةُ وَالْعَمْدُ، فَلاَ تَنْعَقِدُ يَمِينُ الْمُكْرَهِ وَلاَ الْمُخْطِئُ (٢) ، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ فِي الْمُكْرَهِ


(١) البدائع ٣ / ١٠٠، والدر المختار بحاشية ابن عابدين عليه ٢ / ٥٠٩، ٥١٠، والشرح الصغير ١ / ٣٣١، ومواهب الجليل للحطاب ٣ / ٢٦١، وأسنى المطالب ٣ / ٢٧٧، ومطالب أولي النهى ٦ / ٣٥٧.
(٢) مما ينبغي التنبه إليه أن سبق اللسان نوعان: أحدهما: غلبة جريانه باليمين، كمن يغلب في حديثه أن يقول: لا والله، وبلى والله من غير قصد. ثانيهما: تحول اللسان والتفاته من لفظ غير اليمين يراد النطق به إلى لفظ اليمين، والنوع الأول لا يسمى خطأ، وهو صحيح،