للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحِمَى وَالإِْرْصَادِ أَنَّ الإِْرْصَادَ تَخْصِيصُ الإِْمَامِ غَلَّةَ بَعْضِ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال لِبَعْضِ مَصَارِفِهِ، وَالْحِمَى هُوَ تَخْصِيصُ الإِْمَامِ نَفْسَ أَرَاضِي الْمَوَاتِ لِحَاجَةِ غَيْرِهِ.

صِفَتُهُ (حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ) :

٥ - الإِْرْصَادُ مَشْرُوعٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ (١) ، إِمَّا لاِعْتِبَارِهِ وَقْفًا (فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ) ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ يُؤَمِّنُ مَصْلَحَةً عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ بِطَرِيقٍ مَشْرُوعٍ؛ لأَِنَّ الْمُرْصَدَ (بِفَتْحِ الصَّادِ) هُوَ مَال بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ، وَصَل إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَمَصْرِفُهُ كُل مَا تَقُومُ بِهِ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُرْصَدُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْقُضَاةِ وَنَحْوِهِمْ هُمْ عَمَلَةُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ تَقُومُ بِهِمْ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ مَصْرِفٌ مِنْ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَال (٢) . وَتَأْمِينُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَاجِبٌ عَلَى الإِْمَامِ، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَصَالِحُ لاَ يُمْكِنُ تَأْمِينُهَا إِلاَّ بِالإِْرْصَادِ، كَانَ الإِْرْصَادُ وَاجِبًا؛ لأَِنَّ مَا لاَ يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلاَّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَقَدْ سُئِل الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْعَقَدِيُّ الْحَنَفِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ مَشْرُوعِيَّةِ الإِْرْصَادِ فَأَجَابَ:

" لاَ شَكَّ فِي جَوَازِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إِيصَال الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّيهِ فَيَكُونُ جَائِزًا، بَل وَاجِبًا لِمَا قُلْنَا، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ". (٣)

أَرْكَانُ الإِْرْصَادِ:

٦ - لاَ بُدَّ فِي الإِْرْصَادِ مِنْ وُجُودِ مُرْصِدٍ (بِكَسْرِ الصَّادِ) ، وَمُرْصَدٍ (بِفَتْحِ الصَّادِ) ، وَجِهَةٍ مُرْصَدٍ عَلَيْهَا، وَصِيغَةٍ.


(١) حاشية كنون على الزرقاني ٧ / ١٣١
(٢) الفتاوى المهدية ٢ / ٦٤٧.
(٣) الفتاوى المهدية ٢ / ٦٤٨