للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَتْل وَنَحْوِهِ؛ لأَِنَّهَا مُثْبِتَةٌ زِيَادَةً، وَلاَ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ. قَال سَحْنُونٌ: إِلاَّ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمْعُ الْعَظِيمُ - كَالْحَجِيجِ وَنَحْوِهِمْ - أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، أَوْ صَلَّى بِهِمُ الْعِيدَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ لأَِنَّ هَؤُلاَءِ لاَ يُشْتَبَهُ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ، بِخِلاَفِ الشَّاهِدَيْنِ (١) .

تَعَارُضُ تَعْدِيل الشُّهُودِ وَتَجْرِيحِهِمُ:

١٣ - اعْتِبَارُ الْعَدَالَةِ فِي الشَّاهِدِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا لَوْ رَضِيَ الْخَصْمُ بِأَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِقَوْل فَاسِقٍ لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ بِهِ. وَالْعَدَالَةُ أَوِ التَّجْرِيحُ لاَ يَثْبُتُ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلاَّ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، خِلاَفًا لأَِبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، فَيَثْبُتُ كُلٌّ مِنَ التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيحِ عِنْدَهُمَا بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ. وَسَبَبُ الْخِلاَفِ هَل هُمَا شَهَادَةٌ أَوْ إِخْبَارٌ؟ فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ: شَهَادَةٌ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ: إِخْبَارٌ، فَيَكْفِي الْوَاحِدُ فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ، وَنِصَابُ الشَّهَادَةِ فِي تَزْكِيَةِ الْعَلاَنِيَةِ.

فَلَوْ عَدَّل الشَّاهِدَ اثْنَانِ، وَجَرَّحَهُ اثْنَانِ، فَالْجَرْحُ أَوْلَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا: بِأَنَّ الْجَارِحَ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ خَفِيَتْ عَلَى الْمُعَدِّل، فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ؛ لأَِنَّ التَّعْدِيل يَتَضَمَّنُ تَرْكَ الرِّيَبِ وَالْمَحَارِمِ، وَالْجَارِحُ مُثْبِتٌ لِوُجُودِ ذَلِكَ، وَالإِِْثْبَاتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ؛ وَلأَِنَّ الْجَارِحَ


(١) القرافي ٤ / ٦٢.