للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ عَدَمُ إِصَابَةِ الْمَقْصُودِ فِي كُلٍّ.

أَثَرُ النِّسْيَانِ عَلَى الأَْهْلِيَّةِ: ٣ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَثَرِ النِّسْيَانِ عَلَى الأَْهْلِيَّةِ: فَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّ النَّاسِيَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ حَال النِّسْيَانِ؛ لأَِنَّ الإِْتْيَانَ بِالْفِعْل الْمُعَيَّنِ عَلَى وَجْهِ الاِمْتِثَال يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِالْفِعْل الْمَأْمُورِ بِهِ؛ لأَِنَّ الاِمْتِثَال عِبَارَةٌ عَنْ إِيقَاعِ الْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الطَّاعَةِ. وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمُ الْمَأْمُورِ بِهِ بِتَوَجُّهِ الأَْمْرِ نَحْوَهُ وَبِالْفِعْل، فَهُوَ مُسْتَحِيلٌ عَقْلاً لِعَدَمِ الْفَهْمِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (١) .

وَأَمَّا وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَالنَّفَقَةِ وَضَمَانُ الْمَتْلَفَاتِ وَنُفُوذُ الطَّلاَقِ وَغَيْرُهَا مِنْ أَحْكَامِ النَّاسِي، فَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ، بَل مِنْ بَابِ رَبْطِ الأَْحْكَامِ بِالأَْسْبَابِ؛ لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِمَالِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ الإِْنْسَانِيَّةِ الَّتِي بِهَا يَسْتَعِدُّ لِقُوَّةِ الْفَهْمِ بَعْدَ الْحَالَةِ


(١) حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان. . . " أخرجه ابن ماجه (١ / ٦٥٩ ط عيسى الحلبي) والحاكم في المستدرك (٢ / ١٩٨ ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما، واللفظ لابن ماجه، وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي.