للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَيْرِ عِلْمٍ فَقَدْ يَرْتَكِبُ الْحَرَامَ، أَوْ يَتْرُكُ فِي الْعِبَادَةِ مَا لاَ بُدَّ مِنْهُ، قَال الْغَزَالِيُّ: الْعَامِّيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَال الْعُلَمَاءِ، لأَِنَّ الإِْجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ الْعَامِّيَّ مُكَلَّفٌ بِالأَْحْكَامِ، وَتَكْلِيفُهُ طَلَبَ رُتْبَةِ الاِجْتِهَادِ مُحَالٌ، لأَِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى انْقِطَاعِ الْحَرْثِ وَالنَّسْل، وَتَعَطُّل الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ، وَإِذَا اسْتَحَال هَذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ سُؤَال الْعُلَمَاءِ وَوُجُوبُ اتِّبَاعِهِمْ. (١)

وَقَال النَّوَوِيُّ: مَنْ نَزَلَتْ بِهِ حَادِثَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ عِلْمُ حُكْمِهَا، أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الاِسْتِفْتَاءُ عَنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِبَلَدِهِ مَنْ يَسْتَفْتِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّحِيل إِلَى مَنْ يُفْتِيهِ وَإِنْ بَعُدَتْ دَارُهُ، وَقَدْ رَحَل خَلاَئِقُ مِنَ السَّلَفِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ اللَّيَالِيَ وَالأَْيَّامَ. (٢)

مَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُفْتِيهِ فِي وَاقِعَتِهِ:

٤٢ - إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُكَلَّفُ مَنْ يُفْتِيهِ فِي وَاقِعَتِهِ يَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْلِيفُ بِالْعَمَل إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، لاَ مِنَ اجْتِهَادٍ مُعْتَبَرٍ وَلاَ مِنْ تَقْلِيدٍ، لأَِنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ بِمَا لاَ يُطَاقُ، وَلأَِنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ الْعِلْمُ بِهِ، وَقِيَاسًا عَلَى الْمُجْتَهِدِ إِذَا تَعَارَضَتْ عِنْدَهُ الأَْدِلَّةُ وَتَكَافَأَتْ فَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْجِيحُ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا قَبْل وُرُودِ الشَّرْعِ، وَكَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ. (٣)


(١) المستصفى للغزالي ٢ / ١٢٤ القاهرة، المكتبة التجارية ١٣٥٦هـ.
(٢) المجموع للنووي ١ / ٥٤ وانظر الموافقات للشاطبي ٤ / ٢٦١.
(٣) الموافقات ٤ / ٢٩١، والمجموع للنووي ١ / ٥٨.