للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دُعَاءُ الإِْنْسَانِ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ أَوْ ظَلَمَ الْمُسْلِمِينَ:

١٨ - قَال اللَّهُ تَعَالَى: {لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْل إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ} (١) قَال الْقُرْطُبِيُّ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الآْيَةِ أَنَّ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَنْتَصِرَ مِنْ ظَالِمِهِ، وَلَكِنْ مَعَ اقْتِصَادٍ، إِنْ كَانَ الظَّالِمُ مُؤْمِنًا، كَمَا قَال الْحَسَنُ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَأَرْسِل لِسَانَكَ وَادْعُ بِمَا شِئْتَ مِنَ الْهَلَكَةِ وَبِكُل دُعَاءٍ، كَمَا فَعَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَال: اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ. (٢) وَقَال: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِفُلاَنٍ وَفُلاَنٍ سَمَّاهُمْ (٣) وَإِنْ كَانَ مُجَاهِرًا بِالظُّلْمِ دَعَا عَلَيْهِ جَهْرًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِرْضٌ مُحْتَرَمٌ، وَلاَ بَدَنٌ مُحْتَرَمٌ، وَلاَ مَالٌ مُحْتَرَمٌ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ قَال: سُرِقَ لَهَا شَيْءٌ فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَيْهِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تُسَبِّخِي عَنْهُ أَيْ لاَ تُخَفِّفِي عَنْهُ الْعُقُوبَةَ بِدُعَائِكِ عَلَيْهِ. (٤)


(١) سورة النساء / ١٤٨
(٢) حديث: " اللهم اشدد وطأتك على مضر ". أخرجه البخاري (الفتح ٢ / ٤٩٢ - ط السلفية) من حديث أبي هريرة.
(٣) حديث: " اللهم عليك بفلان وفلان ". أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ١٠٦ - ط السلفية) من حديث عبد الله بن مسعود.
(٤) القرطبي ٦ / ٢ وحديث: " لا تسبخي عنه ". أخرجه أبو داود (٢ / ١٦٨ - تحقيق عزت عبيد دعاس) . وفي إسناده انقطاع.