للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَالِثًا: الْحِفَاظُ عَلَى الْحَيَاةِ:

٨ - يَكُونُ الْحِفَاظُ عَلَى الْحَيَاةِ بِفِعْل مَا يُمْسِكُهَا وَالْكَفِّ عَمَّا يُهْلِكُهَا أَوْ يَضُرُّهَا، وَالْمُكَلَّفُ مَأْمُورٌ بِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ وَعَدَمِ إِلْقَائِهَا إِلَى التَّهْلُكَةِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ، (١) وَقَرَّرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ آكَدُ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي تَجِبُ مُرَاعَاتُهَا بَعْدَ حِفْظِ الدِّينِ. (٢) وَقَال الشَّاطِبِيُّ: تَكَالِيفُ الشَّرِيعَةِ تَرْجِعُ إِلَى حِفْظِ مَقَاصِدِهَا فِي الْخَلْقِ، وَهَذِهِ الْمَقَاصِدُ ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ: ضَرُورِيَّةٌ، وَحَاجِيَّةٌ وَتَحْسِينِيَّةٌ، وَالضَّرُورِيَّةُ: هِيَ الَّتِي لاَ بُدَّ مِنْهَا فِي قِيَامِ مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَالْحِفْظُ لَهَا يَكُونُ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا يُقِيمُ أَرْكَانَهَا وَيُثَبِّتُ قَوَاعِدَهَا وَذَلِكَ مُرَاعَاتُهَا مِنْ جَانِبِ الْوُجُودِ، وَالثَّانِي مَا يَدْرَأُ عَنْهَا الاِخْتِلاَل الْوَاقِعَ أَوِ الْمُتَوَقَّعَ فِيهَا وَذَلِكَ مُرَاعَاتُهَا مِنْ جَانِبِ الْعَدَمِ، وَحِفْظُ النَّفْسِ وَالْعَقْل مِنْ جَانِبِ الْوُجُودِ كَتَنَاوُل الْمَأْكُولاَتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ وَالْمَلْبُوسَاتِ وَالْمَسْكُونَاتِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، وَمَجْمُوعُ الضَّرُورِيَّاتِ خَمْسَةٌ: حِفْظُ الدِّينِ، وَالنَّفْسِ وَالْعَقْل، وَالنَّسْل، وَالْمَال. (٣)

وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِعْل مَا يُمْسِكُ حَيَاتَهُ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلِبَاسٍ وَسَكَنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمِمَّا وَرَدَ


(١) سورة البقرة / ١٩٥.
(٢) الخرشي ٨ / ٢.
(٣) الموفقات ٢ / ٨ - ١٠.