للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّهُ لاَ يُقْطَعُ حَتَّى يَدَّعِيَهُ الْمَالِكُ، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ يُقْطَعُ، وَبِهِ قَال أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، لِعُمُومِ الآْيَةِ، وَلأَِنَّ مُوجِبَ الْقَطْعِ قَدْ ثَبَتَ (١) .

وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِالْحُدُودِ سِوَى الْقَذْفِ فَتَجُوزُ بِلاَ دَعْوَى مِنْ غَيْرِ خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، لِشَهَادَةِ أَبِي بَكْرَةَ، وَأَصْحَابِهِ عَلَى الْمُغِيرَةِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى، وَلِشَهَادَةِ الْجَارُودِ وَصَاحِبِهِ عَلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ بِشُرْبِ الْخَمْرِ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْهَا دَعْوَى، وَلأَِنَّ الْحَقَّ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ تَفْتَقِرِ الشَّهَادَةُ بِهِ إِِلَى تَقَدُّمِ دَعْوَى كَالْعِبَادَاتِ. وَلأَِنَّ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ إِنَّمَا تَكُونُ مِنَ الْمُسْتَحَقِّ، وَهَذَا لاَ حَقَّ فِيهِ لأَِحَدٍ مِنَ الآْدَمِيِّينَ فَيَدَّعِيهِ (٢) .

التَّأْخِيرُ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ:

لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْحَدَّ تَجِبُ إِقَامَتُهُ عَلَى الْفَوْرِ إِلاَّ إِذَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ كَالْمَرَضِ وَمَا شَابَهَهُ، وَالْحَمْل، وَالسُّكْرِ.

١ - إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى الْمَرِيضِ وَمَنْ شَابَهَهُ:

٤١ - الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ هُوَ أَنَّ الرَّجْمَ لاَ يُؤَخَّرُ لِلْمَرَضِ لأَِنَّ نَفْسَهُ مُسْتَوْفَاةٌ، فَلاَ


(١) البدائع ٧ / ٥٦، وروضة الطالبين ١٠ / ١٤٤، والمغني ٨ / ٢٠٨، ٢١٧، ٢٨٤.
(٢) البدائع ٧ / ٥٢، والمغني ٨ / ٢٠٨.