للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ إِذَا هَلَكَتِ الْعَيْنُ هَلاَكًا لاَ يُوجِبُ الضَّمَانَ فَإِنَّ الأَْجِيرَ الْمُشْتَرَكَ لاَ يَسْتَحِقُّ أَجْرًا لأَِنَّ الأَْجْرَ يُسْتَحَقُّ بِالتَّسْلِيمِ بَعْدَ الْفَرَاغِ.

الْوَقْتُ الْمُعْتَبَرُ لِتَقْدِيرِ الضَّمَانِ:

١٣٥ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ عِنْدَهُمْ وَهُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي تَقْدِيرِ الضَّمَانِ هُوَ يَوْمُ حُصُول سَبَبِ الضَّمَانِ، وَهُوَ التَّلَفُ أَوِ التَّعَدِّي.

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: تُقَدَّرُ قِيمَتُهَا بِيَوْمِ تَسْلِيمِهَا إِلَى الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ، لاَ يَوْمِ التَّلَفِ وَلاَ يَوْمِ الْحُكْمِ. (١) وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ أَكْثَر مَا كَانَتْ مِنْ حِينِ الْقَبْضِ إِلَى حِينِ التَّلَفِ، كَالْغَاصِبِ. وَأَمَّا إِنْ قِيل بِعَدَمِ الضَّمَانِ إِلاَّ بِالتَّعَدِّي فَتُقَدَّرُ الْقِيمَةُ مَا كَانَتْ مِنْ حِينِ التَّعَدِّي إِلَى حِينِ التَّلَفِ لأَِنَّ الضَّمَانَ بِالتَّعَدِّي. (٢)

١٣٦ - وَلاَ يَجُوزُ لِرَبِّ الْعَمَل أَنْ يَشْتَرِطَ الضَّمَانَ عَلَى الأَْجِيرِ فِيمَا لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ؛ لأَِنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ فِي الأَْمَانَةِ بَاطِلٌ، لِمُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَكَذَا لاَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ نَفْيِ الضَّمَانِ عَنِ الأَْجِيرِ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ عَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهَذَا الاِشْتِرَاطِ لِمُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَلِلصَّانِعِ أَجْرُ الْمِثْل، لاَ الْمُسَمَّى؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِهِ لإِِسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْهُ. هَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. (٣)


(١) حاشية الدسوقي ٤ / ٢٨، وحاشية العدوي على شرح الخرشي ٧ / ٢٩
(٢) المهذب ١ / ٤٠٨
(٣) تبيين الحقائق ٥ / ١٣٣، وشرح الدر ٢ / ٢٩٦، وحاشية الدسوقي ٤ / ٢٨، والمغني ٦ / ١١٨