للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج - الضَّرْبُ:

١٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مِمَّا يُؤَدِّبُ بِهِ الرَّجُل زَوْجَتَهُ عِنْدَ نُشُوزِهَا الضَّرْبَ (١) لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ (٢) .

وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الضَّرْبِ وَمَا يَلْزَمُ تَوَافُرُهُ لِمُبَاشَرَتِهِ.

فَاشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي ضَرْبِ التَّأْدِيبِ الْمَشْرُوعِ إِنْ نَشَزَتِ الزَّوْجَةُ: أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ غَيْرَ مُدْمٍ وَلاَ مُبَرِّحٍ وَلاَ شَائِنٍ وَلاَ مُخَوِّفٍ، وَهُوَ الَّذِي لاَ يَكْسِرُ عَظْمًا وَلاَ يَشِينُ جَارِحَةً كَاللَّكْزَةِ وَنَحْوِهَا، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الصَّلاَحُ لاَ غَيْرَ.

وَقَالُوا: الضَّرْبُ الْمُبَرِّحُ هُوَ مَا يَعْظُمُ أَلَمُهُ عُرْفًا، أَوْ مَا يُخْشَى مِنْهُ تَلَفُ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ، أَوْ مَا يُورِثُ شَيْئًا فَاحِشًا، أَوِ الشَّدِيدُ، أَوِ الْمُؤَثِّرُ الشَّاقُّ، قَال بَعْضُهُمْ: لَعَلَّهُ مِنْ بَرِحَ الْخَفَاءُ إِذَا ظَهَرَ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: اتَّقَوُا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ (٣) .


(١) بَدَائِع الصَّنَائِع ٢ / ٣٣٤، وَالشَّرْح الْكَبِير ٢ / ٣٤٣، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ ٦ / ٣٨٣، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٥ / ٢٠٩.
(٢) سُورَةُ النِّسَاءِ / ٣٤
(٣) حَدِيث: " اتَّقَوُا اللَّهَ فِي النِّسَاء. . . " أَخْرَجَهُ مُسْلِم (٢ / ٨٨٩ - ٨٩٠ ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ جَابِر بْن عَبْد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عنهما.