للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُمَوِّنُهُ (١) وَلأَِنَّ نَفَقَةَ مَنْ يُمَوِّنُهُ وَاجِبَةٌ، وَالتَّطَوُّعُ نَافِلَةٌ، وَتَقْدِيمُ النَّفْل عَلَى الْفَرْضِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلأَِنَّ الإِْنْسَانَ إِذَا أَخْرَجَ جَمِيعَ مَالِهِ لاَ يَأْمَنُ فِتْنَةَ الْفَقْرِ وَشِدَّةَ نِزَاعِ النَّفْسِ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ، فَيُذْهِبُ مَالَهُ، وَيُبْطِل أَجْرَهُ، وَيَصِيرُ كَلًّا عَلَى النَّاسِ.

أَمَّا مَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّل، وَالصَّبْرَ عَلَى الْفَقْرِ، وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ، أَوْ كَانَ ذَا مَكْسَبٍ وَاثِقًا مِنْ نَفْسِهِ، فَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِكُل مَالِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلاَ يُعْتَبَرُ هَذَا فِي حَقِّهِ إِسْرَافًا. (٢) لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُل مَا عِنْدَهُ، فَقَال لَهُ: مَا أَبْقَيْتَ لأَِهْلِكَ؟ قَال: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (٣) فَهَذَا كَانَ فَضِيلَةً فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ، لِقُوَّةِ يَقِينِهِ وَكَمَال إِيمَانِهِ، وَكَانَ أَيْضًا تَاجِرًا ذَا مَكْسَبٍ.

ب - الإِْسْرَافُ فِي الْوَصِيَّةِ:

١١ - الْوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ، أَوْ هِيَ التَّبَرُّعُ بِالْمَال بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ بِجُزْءٍ مِنَ الْمَال لِمَنْ تَرَكَ خَيْرًا فِي حَقِّ


(١) حديث: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يمونه ". أخرجه مسلم وأبو داود من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعا. ولفظ مسلم " كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته " (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٢ / ٦٩٢ ط عيسى الحلبي، وعون المعبود ٢ / ٥٩، ٦٠ ط الهند) .
(٢) تفسير القرطبي ١٠ / ٢٥١، وابن عابدين ٢ / ٧١، والمغني ٣ / ٨٢، ٨٣، والقليوبي ٣ / ٢٠٥، والأحكام لابن العربي ٣ / ١١٩٣.
(٣) حديث: " ما أبقيت لأهلك. . . . ". أخرجه الترمذي وأبو داود ضمن قصة من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. (تحفة الأحوذي ١٠ / ١٦١ نشر المكتبة السلفية، وعون المعبود ٢ / ٥٤ ط الهند) .