للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَقَدْ قَال ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي: وَلَمْ يَزَل الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَقْبُرُونَ فِي الصَّحَارِي (١) .

خَامِسًا: نَبْشُ قَبْرِ الْمَيِّتِ لِدَفْنِ آخَرَ مَعَهُ:

١٥ - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ نَبْشُ قَبْرِ مَيِّتٍ بَاقٍ لِمَيِّتٍ آخَرَ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ الأَْوَّل، وَمَتَى عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمَيِّتَ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمًا جَازَ نَبَشَهُ وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلاَفِ الْبِلاَدِ وَالْهَوَاءِ، وَهُوَ فِي الْبِلاَدِ الْحَارَّةِ أَسْرَعُ مِنْهُ فِي الْبِلاَدِ الْبَارِدَةِ.

وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ أَيْ أَنَّهُ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمًا رَجَعَ إِلَى قَوْل أَهْل الْخِبْرَةِ لِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ.

فَإِنْ حَفَرَ فَوَجَدَ فِيهَا عِظَامًا دَفَنَهَا فِي مَكَانِهَا، وَأَعَادَ التُّرَابَ كَمَا كَانَ وَلَمْ يَجُزْ دَفْنُ مَيِّتٍ آخَرَ عَلَيْهِ.

كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ إِذَا صَارَ الْمَيِّتُ رَمِيمًا الزِّرَاعَةُ وَالْحِرَاثَةُ وَغَيْرُهُمَا فِي مَوْضِعِ الدَّفْنِ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ شُرُوطَ وَاقِفٍ، أَوْ لَمْ تَكُنِ الْمَقْبَرَةُ مُسَبَّلَةً (٢) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ بَلِيَ الْمَيِّتُ وَصَارَ تُرَابًا جَازَ دَفْنُ غَيْرِهِ فِي قَبْرِهِ وَزَرْعُهُ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ (٣) .


(١) المغني لابن قدامة (٣ / ٤٤١ - ط هجر) .
(٢) كشاف القناع ٢ / ١٤٣ - ١٤٤، وحاشية العدوي على الخرشي ٢ / ١٤٤.
(٣) الفتاوى الهندية ١ / ١٦٧.