للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ نَبْشُ الْقَبْرِ لِنَقْل الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ فِي بُقْعَةٍ خَيْرٍ مِنْ بُقْعَتِهِ الَّتِي دُفِنَ فِيهَا، كَمُجَاوَرَةِ صَالِحٍ لِتَعُودَ عَلَيْهِ بَرَكَتُهُ، أَوْ لإِِفْرَادِهِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ عَمَّنْ دُفِنَ مَعَهُ، فَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِذَلِكَ (١) ، لِقَوْل جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ أَوَّل قَتِيلٍ - يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ - وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآْخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ " (٢) .

وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ مِنْ نَبْشِ الْقَبْرِ لِنَقْل الْمَيِّتِ إِلَى بُقْعَةٍ خَيْرٍ مِنْ بُقْعَتِهِ الشَّهِيدَ إِذَا دُفِنَ بِمَصْرَعِهِ، فَلاَ يُنْبَشُ قَبْرُهُ لِنَقْلِهِ إِلَى غَيْرِ مَصْرَعِهِ، حَتَّى لَوْ نُقِل مِنْهُ رُدَّ إِلَيْهِ؛ لأََنَّ دَفْنَ الشَّهِيدِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي قُتِل فِيهِ سُنَّةٌ (٣) ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ: " ادْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَصَارِعِهِمْ " (٤) .


(١) كشاف القناع ٢ / ٨٦، ١٤٢.
(٢) حديث جابر رضي الله عنه: " دفن مع أبي رجل. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ٢١٤ - ٢١٥ ط السلفية) .
(٣) كشاف القناع ٢ / ٨٦، ١٤٢.
(٤) حديث: " ادفنوا القتلى في مصارعهم " أخرجه النسائي (٤ / ٧٩ ط التجارية الكبرى) وعبد الرزاق في المصنف (٥ / ٢٧٨ ط المجلس العلمي) من حديث جابر بن عبد الله رَضي الله عنهم.